نسبه محضه والنسبة بما هي نسبه لا تكون منسوبه نعم إذا قلنا ثبوت ب لألف كذا فقد جعلناه منظورا اليه بالقصد وقد انسلخ عن كونه بحيث لا يقع الا بين الحاشيتين واستصلح ان يصير إحداهما فيعتبر له ثبوت وربط آخر وحينئذ يرجع الامر إلى أن يكون ذلك الثبوت الاخر مرآة لتعرف حال الثبوت الأول من دون الالتفات اليه الا بالتبع ثم إذا التفتنا اليه وقلنا ثبوت الثبوت كذا فقد عزلنا النظر عن الحاشيتين الا بالعرض وانتقلنا اليه ونسبناه إلى موضوع فحصل هاهنا ثبوت ثالث غير ملتفت اليه وكذا إذا توجهنا اليه بتصييره أحد طرفي الحكم حصل رابع وكذا يوجد خامس وسادس إلى أن نقف عن هذه الالتفاتات والملاحظات الحاصلة منا بالإرادة والاختيار فتنقطع به السلسلة.
وما حكم به السلف الصالح من أولياء الحكمة ان المحمول بما هو محمول ليس وجوده في نفسه الا وجوده لموضوعه (1) ليسوا عنوا بذلك ان وجوده في نفسه هو بعينه وجوده لموضوعه كما في الاعراض والصور إذ المحمول بما هو محمول ليس له وجود في نفسه يكون هو لموضوع ذلك المحمول بل عنوا انه لا يوجد نفسه وانما له ثبوت للموضوع لا وجود في نفسه ووجوده في نفسه هو مجرد انه ثابت للموضوع وفرق بين قولنا وجوده في نفسه هو وجوده لموضوعه كما في العرض وبين قولنا وجوده في نفسه هو انه موجود لموضوعه فان الأول يستلزم الوجود دون الثاني هذا إذا كان الكلام في مجرد مفهوم الهلية المركبة واما ان حاشيتي الحكم هل هما بحسب الواقع مما يلزم ان يكون لهما وجود بنحو من الانحاء فذلك كلام آخر.
ثم لا يخفى عليك حكاية ما سيقرع سمعك بيانه على الوجه اليقيني البرهاني مما نحن بصدده إن شاء الله تعالى ان وجودات جميع الممكنات في فلسفتنا من قبيل الروابط لوجود الحق تعالى فوق ما وقع في كلام بعض أئمة الحكمة الدينية وأكابر الفلسفة الإلهية ان وجود الطبائع المادية في نفسها هو بعينه وجودها لموادها