الوجود عريها في ذاتها عن الوجود وفعليتها هي كونها قوه وجودات الأشياء وتمامها نقصانها وشرفها خستها وفعلها قبولها وتحصلها ابهامها وفصلها جنسها كما سيرد عليك برهانه في موضعه فهي منبع الشرور والاعدام ومعدن النقائص والآلام على أنها شبكه بها يصطاد النفوس الناطقة التي هي طيور سماوية لها أقفاص عنصرية (1).
ثم اعلم أن الوجودات باقيه على خيريتها الأصلية والعرضية أيضا ما دامت هي غير نازله إلى عالم التصادم والتضاد ولم ينته سلسلتها إلى حيز المكان والزمان واما إذا انجرت سلسله الوجود إلى عالم الأجسام والظلمات ومضائق الأكوان والازدحامات فبعض الوجودات مع أنه خير محض بالذات وبالعرض بحسب ذاته وبالقياس إلى ما لا يستضر به بل ينتفع منه وهو ما يناسبه هذا الوجود ويلائمه لكنه بالقياس إلى ما يستضر به أو يتأذى منه أو ينعدم به يوصف بالشرية لأنه يؤدى إلى عدم ذات أو عدم كمال لذات فيكون الشر بالذات أحد هذين العدمين لا الوجود بما هو وجود لأنه خير محض كما علمت.
فالشر الحقيقي غير مقتضى البتة والشر الغير الحقيقي مقتضى بالعرض للزومه لما هو خير حقيقي ومقتضى بالذات وهو الوجود بسنخه وطبيعته وقد مر ان لوازم الماهيات غير مستنده إلى الجاعل والشرور منبعها قصورات الأنيات ونقصانات الوجود عن الكمال الأتم والجمال الأعظم فصل في أن الوجود لا ضد له ولا مثل له (2) تقابل التضاد من شرطه كون المتضادين مما يقعان تحت جنس واحد غير عال