فنقول ان المعلول الأول ان اعتبر ماهيته التي هي عبارة عن مرتبه قصوره عن الكمال الأتم وخصوصيته تعينه المصحوب لشوب الظلمة والعدم وإن كان مستورا عند ضياء كبرياء الأول ومقهورا تحت شعاع نور الأول فعدمه ممكن بهذا الاعتبار بل حال عدمه كحال وجوده أزلا وابدا من تلك الجهة ما شم رائحة شئ منهما بحسب ماهيته من حيث هي هي وليس يستلزم عدمه عدم الواجب بهذه الحيثية لعدم (1) الارتباط بينه وبين الواجب من هذه الحيثية وان اعتبر من حيث وجوده المتقوم بالحق الأول الواجب بوجوبه فعدمه (2) ممتنع بامتناع عدم قيومه ووجوده مستلزم لوجوده استلزام وقوع المعلول وقوع العلة الموجبة له فلم يلزم استلزام الممكن للمحال أصلا وليس لعدمه في نفسه اي نفس ذلك العدم جهة امكانية كما للوجود من حيث الوجود ولا يلزم من ذلك كون كل وجود واجبا بالذات على ما مر من الفرق بين الضرورة الأزلية وبين الضرورة المسماة بالذاتية المقيدة بها فلذلك لا يلزم هاهنا كون كل عدم ممتنعا بالذات لأجل الفرق المذكور وهذا في غاية السطوع والوضوح على أسلوب هذا الكتاب واما على أسلوب الحكمة الذايعة فلا يبعد ان يقول أحد إن كان يعنى بأول شقى الكلام ان العقل إذا جرد النظر إلى ذات المعلول الأول ولم يعتبر معه غيره لم يجد فيه علاقة اللزوم فذلك لا ينافي استلزام عدمه عدم الواجب بحسب نفس الامر بل هو محفوظ بحاله وان أريد به انه على ذلك التقدير لا يكون مستلزما له بحسب نفس الامر فهو ظاهر البطلان فإنه معلول له بسحب نفس الامر فكيف لا يكون
(١٩٣)