العلة المقتضية له فالماهية الامكانية لم تخرج ولا تخرج ابدا بحسب نفسها من كتم البطون والاختفاء إلى مجلى الظهور والشهود فهي على بطلانها وبطونها وكمونها أزلا وابدا وإذا لم يتصف بأصل الوجود فعلى الطريق الأولى بسائر الصفات الخارجية التي هي بعد الوجود فلم يتصف بشئ من الحالات الكمالية والصفات الوجودية الا نفس الوجود والماهية في جميع تلك الصفات تابعه للوجود وكل نحو من انحاء الوجود تتبعه ماهية خاصه من الماهيات المعبر عنها عند بعضهم بالتعين وعند بعضهم بالوجود الخاص تابعيه الصورة الواقعة في المرآة للصورة المحاذية لها فكما ان العكس يوجد بوجود ذي العكس ويتقدر بتقدره ويتشكل بتشكله ويتكيف بتكيفه ويتحرك بتحركه ويسكن بسكونه وهكذا في جميع الصفات التي تتعلق بها الرؤية كل ذلك على طريق الحكاية والتخيل لا على طريق الأصالة والاتصاف بشئ منها بالحقيقة فكذلك حال الماهية بالقياس إلى الوجود وتوابعه فان الماهية نفسها خيال الوجود وعكسه الذي يظهر منه في المدارك العقلية والحسية فظهر ما ذهب اليه المحققون من العرفاء والكاملون من الأولياء ان العالم كله خيال في خيال.
قال الشيخ العارف المتأله محى الدين الاعرابي في الباب الثالث والستين من الفتوحات المكية إذا أدرك الانسان صورته في المرآة يعلم قطعا انه أدرك صورته بوجه وانه ما أدرك صورته بوجه لما يراه في غاية الصغر لصغر جرم المرآة أو الكبر لعظمه ولا يقدر ان ينكر انه رأى صورته ويعلم انه ليس في المرآة صورته ولا هي بينه وبين المرآة وليس بصادق ولا كاذب في قوله رأى صورته وما رأى صورته فما تلك الصورة المرئية وأين محلها وما شانها فهي منفية ثابته موجوده معدومه معلومه مجهوله اظهر سبحانه هذه الحقيقة لعبده ضرب المثال ليعلم ويتحقق انه إذا عجز وحار في درك حقيقة هذا وهو من العالم ولم يحصل علم بحقيقته فهو بخالقها اذن عجز واجهل وأشد حيره