يقتضيان تعددها أو وحدتها في الذات والحقيقة فكما ان مفهوم التحريك غير مفهوم التحرك ومفهوم الأبوة غير مفهوم البنوة فكذلك مفهوم العاقلية غير مفهوم المعقولية لكن النظر والبرهان قد حكما في القبيل الأول بتعدد الذوات دون الثاني بل حكما بان عاقلية الذات المجردة عين معقوليتها بحسب الذات والوجود مع اختلافهما بحسب المفهوم بلا شك وريب فاتقن ذلك المقام فإنه قد زلت فيه الاقدام.
فاذن انكشف وهن قاعدته في بعض هذه الأمور كالوحدة والوجود واثباتها لعدميته في الخارج فلا تأثير لها فيما سوى ذلك وبيان كونها كونها اعتبارا عقليا فيجب الاستعانة بغيرها وقد مرت الإشارة إلى كيفية لحوق هذه المعاني بالحقائق والماهيات فعليك بحسن التأمل وقوه التدبر.
ثم انك قد علمت أن الامكان وصف للماهية باعتبار ملاحظتها من حيث هي هي مع قطع النظر عن انتسابها إلى الفاعل التام ومعلوم ان ما يتصف به الماهية المأخوذة على هذا الوجه لا يكون امرا عينيا بل اعتباريا.
وأيضا الامكان مفهومها سلبي والسلوب بما هي سلوب لاحظ لها من الوجود لا عينا ولا ذهنا ومما يفتضح به الفرقة المجادلة (1) القائلة بكون الامكان موجودا عينيا وراء الماهية النظر في المعلول الأول وانه ممكن الوجود لأنه من الحوادث الذاتية عندهم فلا بد وان يمكن أولا ثم يوجد لان ترجح الوجود بالغير لا يتصور الا بعد كون الشئ ممكنا في نفسه فإذا تقدم الامكان عليه فامكانه يكون ممكنا أيضا لاستحالة كونه واجبا بالذات لكونه صفه متعلقه بغيره ولامتناع تحقق واجبين فإذا كان ممكنا فلا بد له من مرجح وعلة فإن كان مرجحة واجب الوجود بذاته فيلزم منه محالان