عجيب وغريب فإنه هو نفسه قد كان إلى الأمس القريب يشهد بأن السيد الخوئي قدس سره هو الأعلم، وكان يدعو إلى تقليده بإصرار. وقد استمر على ذلك إلى أن توفي ذلك العالم الكبير.
إلا أن يدعي: أنه هو فقط القادر على أن يشهد بأن هذا أو ذاك أعلم (!!) 3 - من أين عرف أن الذين يشهدون بأعلمية هذا أو ذاك غير مطلعين على علوم الآخرين. فإن هذا يدخل في دائرة الطعن إما بعدالتهم، إذا كانوا ملتفتين إلى الحقيقة، ولكنهم يصرون على أن يشهدوا زورا..
أو رميهم بالغفلة إلى حد البله. وكيف يمكن أن نرمي بذلك أمة تعد بالمئات من أهل العلم والفضل والاجتهاد، الذين خولهم وعيهم العلمي واتزانهم أن يتبوؤا مقامات سامية في آفاق الفضيلة والمعرفة إلى درجة الإجتهاد الذي يحتاج إلى الأفق الفكري الرحب، والقادر على استيعاب المعارف في أدق تفاصيلها؟!..
4 - والغريب هنا: أنه هو نفسه لم يزل يقرر الأحكام التي تدور حول الأعلم، فراجع مسائله الفقهية وفتاويه الواضحة وفقه الشريعة في مبحث التقليد.. فهل هو يشغل الناس بأمور غير واقعية، وغير قابلة للتحقق؟! وما المبرر إذن لإشغاله الناس بذلك؟.
5 - ويكفي أن نذكر هنا: أنه رغم إنكاره وجود الأعلم من الأساس، فإنه هو نفسه يحكم على العامي الذي توفي مرجعه أن يحتاط بالرجوع إلى الأعلم من الأحياء.
فقد سئل هذا البعض:
إذا كان شخص مقلدا لمن يقول بوجوب تقليد الأعلم كالسيد الخوئي، ثم مات هذا المجتهد، فهنا يرجع المكلف إلى الحي ولا يصح له التقليد، فبأي اعتبار يرجع إلى الحي، هل يرجع إلى الأعلم؟ أم يتخير بين الأحياء؟!
فأجاب:
" لا بد له أن يعرف أن هناك رأيين رأي يقول: أن يرجع إلى الحي الأعلم، وهذا موافق للاحتياط. وهناك رأي يقول عليه أن يرجع إلى الحي، حتى لو لم يكن الأعلم.
فالمقلد لا بد له أن يتدبر أمره، ويعمل بالاحتياط، إذا لم يكن ممن يملك الرأي في ذلك " (1).