من غير اعتبار الفحص والنظر.
قلت: يمكن أن يقال: إن الدليل على ما ذكروه - مضافا إلى قاعدة الضرر - ما هو المعلوم من أن الواجب على من عنده مال الغير دفعه إليه ولا يجوز الدفع إلى من يحتمل كونه مالكا وكونه وارثا أعم من كونه مالكا، لاحتمال وجود وارث آخر مقدم عليه أو مشارك معه، والعمل بأصل العدم من دون الفحص يوجب الوقوع في خلاف الواقع غالبا، ومعه من دون حصول العلم في معرض الوقوع في خلاف الواقع، مع أن ما ذكر من تمسكهم بأصل العدم في الموضوعات من غير اعتبار الفحص إنما هو في خصوص الشبهات التحريمية، وعلى فرض كونه مطلقا حتى في الوجوبية إنما لا يجب الفحص إذا لم يكن مما يوجب تركه الوقوع في خلاف الواقع غالبا، ولذا ذكروا أن من عليه الزكاة إذا لم يعلم مقدارها وجب عليه الفحص، وكذا من حصل عنده مال لم يعلم مقداره وأنه هل يكون بمقدار الاستطاعة للحج أو لا؟ يجب عليه الفحص، وإلا لزم ترك الحج في أول عام الاستطاعة غالبا، هذا، مع أن الأصل المذكور لا يخرج عن كونه مثبتا، إذ بأصالة عدم وارث آخر لا يثبت الانحصار في المدعى، وكونه وارثا في الجملة لا ينفع، خصوصا إذا علم أن له شريكا ولم يعلم أنه واحد أو أكثر; فتحصل أن ما ذكروه من وجوب الفحص في المقام هو مقتضى القاعدة وأخذ الضامن أيضا موافق للاستظهار في مال الناس الواجب على من بيده إيصاله إليهم.
نعم: لو حصل من الفحص الاطمئنان بعدم وارث آخر بحيث كان احتماله موهوما جدا لا حاجة إلى أخذ الضامن، ثم الغرض من أخذه هو الاستظهار والاستيثاق في حفظ المال لو ظهر له مالك آخر، فلو كان المدعي مليا موثوقا بوفائه على فرض الظهور كفى ولا حاجة إلى الضامن.
ثم هل يجوز لمن عنده المال أن يدفع قبل الفحص أو مع عدم أخذ