واستدل بعضهم على الحكم المذكور بالخبر المروي في تفسير الإمام (عليه السلام) في حكاية محاكمة النبي (صلى الله عليه وآله) من قوله: «فإذا كان الشهود من أخلاط الناس لا يعرفون ولا قبيلة لهما ولا سوق ولا دار أقبل على المدعى عليه وقال: ما تقول فيهما؟ فإن قال: ما عرفت إلا خيرا غير أنهما قد غلطا فيما شهدا علي أنفذ عليه شهادتهما، وإن جرح عليهما وطعن في شهادتهما أصلح بين الخصم وخصمه أو حلف المدعى عليه وقطع الخصومة بينهما (صلى الله عليه وآله)» (1) ودلالته ظاهرة وإن كان يمكن أن يقال: إنه (صلى الله عليه وآله) كان يحصل له العلم بعدالتهما من قول المدعى عليه كما هو كذلك غالبا.
وبالجملة الحكم المذكور محل إشكال، ثم على فرض العمل بالرواية يختص تعديله بخصوص ذلك الشخص فلا يثبت في حق غيره، بل بتلك الواقعة الخاصة اقتصارا على القدر المتيقن، وأيضا الحكم مختص بما إذا لم يعرف الحاكم فسقهما وإلا فلا يجوز له الحكم قطعا.
(مسألة 24): إذا قال المدعي بعد إقامة الشهود: كذبت شهودي، لا تسمع شهادتهم في حقه، وهل تبطل دعواه أيضا أو لا؟ مقتضى كون الكذب عبارة عن الإخبار بما يخالف الواقع سقوط دعواه أيضا إلا أن تكون هناك قرينة على إرادة مخالفتها لاعتقادهم كما هو الغالب.
(مسألة 25): لا يشترط في قبول الشهادة علم الحاكم باسم الشهود ونسبهم بعد العلم بعدالة أشخاصهم مع اجتماع سائر شرائط الشهادة.
(مسألة 26): إذا كان الشهود جماعة من العدول يجوز للحاكم الاستناد في حكمه إلى الجميع كما يجوز الاستناد إلى الاثنين أو أزيد منهم، وإذا كانت الجماعة مشتملة على العدول والفساق جاز له الاستناد إلى الجميع وإلى اثنين أو أزيد من العدول منهم.