(مسألة 23): ذكر جماعة (1) أنه يجوز للحاكم مع عدم إحرازه عدالة الشاهدين أن يحكم بتصديق المدعى عليه واعترافه بعدالتهما كأن يقول: هما عادلان لكنهما مخطئان، وعلله بعضهم بكونه إقرارا على نفسه حيث إنه اعترف بوجود شرط الحكم (2). وفيه: أن شرط الحكم إنما هي العدالة المعلومة للحاكم لا العدالة الواقعية وإن لم تكن معلومة له أو ثابتة عنده، والمفروض عدم حصول العلم له بهذا الإقرار من المدعى عليه فلا يكفي في جواز الحكم. وأما ما قيل في الجواب: من أنه مع ذلك دور فإن كونه إقرارا على نفسه موقوف على كونه مقبولا عند الحاكم وقبوله موقوف على كونه إقرارا على نفسه، فلا يصح، إذ كونه إقرارا بالعدالة معلوم من غير توقف على كونه مقبولا وإنما الإشكال في أن العدالة الواقعية غير كافية بلا ثبوت عند الحاكم، فالإقرار بها ليس إقرارا بتحقق الشرط لفقد قيده وهو الثبوت، وإلا فلو كان الشرط نفس العدالة من غير قيد وكان علم الحاكم بها طريقا لا جزءا وقيدا في الموضوع كان كافيا في تحقق ميزان الحكم. والفرق بين هذه المسألة وما تقدم، من كون إقرار المدعي بفسق شهوده موجبا لعدم جواز الحكم: أن الإقرار بفقد أحد جزئي ميزان الحكم كاف في عدم جوازه، وأما الإقرار بثبوت أحد الجزءين فغير كاف في جوازه. فما يظهر من بعضهم: من أن لازم القول بكفاية إقرار المدعي بفسق الشهود في عدم جواز الحكم القول بكفاية تصديق المدعى عليه بعدالتهم في جوازه (3) لا وجه له، إلا على احتمال كون الشرط هو العدالة الواقعية من غير قيد وكان علم الحاكم طريقا إليها.
(٥٢٣)