يحب الخير ويفعله، يبذل المعروف بفقه وسكينة ووقار ورشد واصلاح، مهابا جليلا، من الذين إذا مروا باللغة مروا كراما. وقال: قرأ في أول أمره على الشيخ التقي الشيخ حسن آل مروة ثم انتقل إلى النميرية إلى عند البحر الزخار السيد علي آل إبراهيم فاخذ عن السيد واستفاد منه فائدة تامة يحسن السكوت عليها حتى اشتهر وامتاز على اقرانه بعلمي المعاني والبيان، ولما شغل السيد بعض عوارض عن ملازمة التدريس تفرقت التلامذة وارتحل مع الشيخ حسن وخاله الشيخ محمد علي آل عز الدين إلى جبع عند الشيخ الأعظم عبد الله آل نعمة واستقام مدة استفاد فيها وأفاد خصوصا في البيان والبديع، إما التاريخ والإنشاء فله فيهما الباع الأطول وكذلك في معرفة العقائد والأديان والآداب وتواريخ العرب وانسابهم وأحوالهم في الجاهلية والاسلام. ولما توجه اخوه الشيخ حسن إلى العراق اشتغل عن البحث والتدريس واخذته امراء عاملة لجهتها وكان عند الدوحة الوائلية ملهج لسانها وانسان عين زمانها محتاجة إلى انشائه وقلمه، وأخيرا تعرفته الحكومة الصورية والتمسته ان يكون شيخا للمدرسة الرشدية بمعاش معلوم فحضر وباشر وبقي أربع سنوات اه.
له من المؤلفات الجوهر المجرد في شرح قصيدة علي بك الأسعد يحتوي على كثير من تاريخ جبل عامل وترجمة جملة من علمائه المتأخرين سمعنا به ولم نره بعد الطلب الحثيث وسيكون نصيب الأرضة أو الفار أو مياه السقف كما هو الشأن في كثير من نفائس كتب جبل عامل (1) وكتاب شرح ميمية أبي فراس ورسالة في رد فتوى الشيخ نوح الذي حلل فيها دماء الشيعة وأموالهم وكتاب الكنوز في النحو لم يتم واليواقيت في البيان وكتاب الرد على البطريرك مكسيموس ورسالة في الرد على رسالة أبي حيان التوحيدي التي رواها أبو حامد أحمد بن بشر المروزي عنه كما نقله ابن أبي الحديد في شرح النهج، فرع منها سنة 1273 بقرية كفرى، ورسالة في فضل أمير المؤمنين ع إلى غير ذلك من الرسائل، قال صاحب جواهر الحكم: والجميع نسجت العناكب عليها بيوتها.
ومن اخباره انه حضر إلى دمشق في أيام مفتيها الشهير محمود أفندي حمزة وكلفه بحاجة له عن الحكام، فعرض عليه تفسيره للقرآن الكريم بالمهمل فتأمل فيه وقال له خبيص الملوك مأكول فاغتاظ المفتي من ذلك ولم بقض له حاجته وجبهه، ولما نقل لي ذلك قلت له ما الذي دعاك إلى هذا فقال: جواب في محله وكلمة حق لا اتركها ولو أدت إلى ما أدت.
شعره قال يرثي أختا له تسمى فاطمة توفيت في طريق مكة المكرمة:
يا رائحين سقتهم كل صادرة * مزنا تخال على حافتها زبدا حيث الملبين شعث ضج هاتفهم * لبيك لبيك داعينا وما وعدا لي فيكم من بنات الصون واحدة * لا تعرف الاثم إذ سوق التقى كسدا يا ترب كم أحرزت بوغاك جوهرة * أعيى النقود لها نقدا إذا نقدا وقال من قصيدة أرسلها إلى علي بك الأسعد إلى بيروت سنة 1274 وهي منقولة عن شرح ميمية الفرزدق للمترجم:
فكم راح يشدو في علاك مملك * يخط على وجه الثرى فاضل البرد يغني بارفاد يضيق ببعضه * فضا الغور أو سهل البراري إلى نجد حشدت عليه بالعطايا زواخر * بها غرق السامي فعاق عن المد فملك بني قيس بن موسى تركته * يماني ينسى يوم راهط للوفد على أنه الملك الذي ضيق الفضا * عطاء وغطى البر في البزل الجرد فتى أوقد الغورين نارا وماءه * دماء وقد كانت زلالا لذي الورد وذي جفنة ذم ابن جدعان جوده * لديها فضاقت عند معتبك الزبد كذا تغلب متت إليك قرابة * وأين يمان بالقرابة من سعد طبعتهما مداح سوحك عزة * وان كثرت في سوحهم مدح الحمد وذكر في الشرح المذكور عند تفسيره لهذه الأبيات ان مراده بملك بني قيس بفتح الميم وسكون اللام هو عقيل بن موسى رئيس عرب الهوارة الساكن في طبريا وما والاها وكان قد خرج على الدولة فحبس في القسطنطينية ثم هرب من الحبس واستعمل التعرب وخدم الدولة ثانيا فشموا منه رائحة العصاوة فارسلوا إليه خيل الأكراد من الشام وعليها محمد سعيد بن شمدين آغا صاحب صالحية دمشق وحاربه في ارض صفورية من طبريا فانكسر الأكراد وقتل أخو رئيسهم وراح عسكرهم نهبا وقتلا ثم اتى فلهم إلى غور الحولة واستنصروا الممدوح علي بك فحشد معهم وأقام لهم الزاد والعلوفة فجاء أمر الدولة بعدم التعرض لعقيل بن موسى هذا فظن أن البك هو الساعي باطنا بابطال الحرب عنه فوفد بعد حين على البك في تبنين في جملة من رؤساء البدو فأعطاهم البك عطاء جزيلا من الملابس الفاخرة والأسلحة والخيول بحيث أدهشهم وعجزت الرجال عن حمل الجفن من الطعام فكانوا يجرونها جرا واهدى له عقيل فرسا ومهرا ولما رأى كثرة العطاء أراد ان يهدي له فرسه المشهورة فقال له بعض الرؤساء فمن معه ان أهديتها له اهدى لك ما هو أعظم منها فامسك وانما قلت إنه ملك بني قيس لأن الجانب الذي يسكنه عقيل قيسية وبلاد عاملة التي هي بلاد البك يمانية وكانت يوم مرج راهط لليمانية على القيسية وكان على القيسية الضحاك بن قيس الفهري وعلى اليمانية حسان بن بجدل الكلبي وذلك بعد هلاك يزيد ابن معاوية فكسرت القيسية كسرة عظيمة وقتل الضحاك حتى أن رجالا من قيس لم يضحكوا بعد مرج راهط حزنا على من قتل منهم أي ان ملك بني قيس صار يمانيا لكثرة العطاء ونسي وقعة مرج راهط وكذلك تغلب وهم عنزة اليوم وقيل إنهم من بكر وقيل من تميم متوا إليك بقرابة وأين سعد الذين هم بطن من تميم من اليمانيين قومك لأن عشيرة البك ترجع إلى قحطان وقولي طبعتهما مداح سوحك الخ يعني ان هذين الرجلين رئيس الهوارة عقيلا ورئيس عنزة محمد بن دوخي وان كانوا مقصدا للشعراء والمداح فهم لأياديك عليهم صاروا مداحا لك وابن جدعان من بني تميم من قريش أول من أطعم العرب الفالوذج وداف لهم لباب السير بالسمن والعسل.
ومن شعره ما نظمه بأمر حمد البك في مدح السلطان عبد المجيد وأهديت إليه فمنها:
تفاخرني السراة وان قومي * لقوم جلببوا الشمس الظلاما نصبنا المجد حتى أن قوما * بظل فخارنا ضربوا الخياما وكم يوم عبوس قمطرير * عقدنا فوق هامتهم قتاما سننا كل نعمى في البرايا * باعناق الملوك غدت وساما وغبرنا لكسرى اي وجه * بعدل مليكنا فسما وسامى