الوالد وغاب الوافد فامنن علي من الله عليك قال من وافدك قالت عدي بن حاتم فقال الفار من الله ورسوله، وقدم وفد من قضاعة من الشام قالت فكساني النبي وأعطاني نفقة وحملني وخرجت معهم حتى قدمت الشام على عدي فجعلت أقول له القاطع الظالم احتملت باهلك وولدك وتركت بقية والدك فأقامت عنده أياما وقالت له ارى أن تلحق برسول الله ص فسلم عليه وهو في المسجد فقال من الرجل قال عدي بن حاتم فانطلق به إلى بيته وألقى له وسادة محشوة بليف وقال اجلس عليها وجلس رسول الله ص على الأرض وعرض عليه الاسلام فأسلم عدي واستعمله رسول الله ص على صدقات قومه (1).
وقد ثبت عدي على اسلامه في الردة وأتى بعد ذلك عمر بن الخطاب في خلافته فقال أ تعرفني يا أمير المؤمنين قال نعم أنت الذي آمن إذ كفروا ووفى إذ غدروا. وكان مع علي بن أبي طالب في حروبه وهو القائل لمعاوية:
يحاولني معوية بن صخر * وليس إلى التي يبغي سبيل يذكرني أبا حسن عليا * وخطبي في أبي حسن جليل وبلغ عشرين ومائة سنة ووقع بينه وبين المختار ابن أبي عبيد لما غلب على الكوفة أمر تشاجرا فيه فهم عدي بالخروج عليه ثم عجز عن ذلك لكبر سنه وضعف جسمه فقال:
أصبحت لا أنفع الصديق ولا * أملك ضر الشانئ الشرس وان جرى بي الجواد منطلقا * لم تملك الكف رجعة الفرس وفي يوم الجمل حمل عدي ففقئت عينه، قال الأشتر رأيت عبد الله بن حكيم بن حزام وعنده راية قريش وهو يقاتل عدي بن حاتم وهما يتصاولان تصاول الحلين فتعاورناه فقتلناها، وأمره يوم صفين على قضاعة وطئ وروى نصر في كتاب صفين عن عمرو بن شمر باسناده: قال رجل لعدي بن حاتم يا أبا طريف أ لم أسمعك تقول يوم الدار والله لا تخنق فيها عناق حولية وقد رأيت ما كان، وقد كانت فقئت عين عدي وقتل بنوه وقال بلى والله لقد خنقت فيه العناق والتيس الأعظم.
وجاء عدي بن حاتم يلتمس عليا يوم صفين ما يطأ الا على انسان ميت أو قدم أو ساعد فوجده تحت رايات بكر بن وائل فقال: يا أمير المؤمنين الا نقوم حتى نموت فقال علي ع أدن فدنا حتى وضع أذنه عند فمه فقال ويحك ان عامة من معي يعصيني وان معاوية فيمن يطيعه ولا يعصيه وقال عدي بن حاتم بصفين:
أقول لما ان رأيت المعمعه * واجتمع الجندان وسط البلقعة هذا علي والهدى حقا معه * يا رب فاحفظه ولا تضيعه فإنه يخشاك رب فارفعه * ومن أراد عيبه فضعضعه أو كاده بالغي فاقمعه وخرج همام بن قبيضة من أصحاب معاوية ومعه لواء هوازن وهو يقول:
قد علمت غيداء كالتمثال * اني إذا ما دعيت نزال أقدم اقدام الهزبر العالي * أهل العراق انكم من بالي كل تلادي وطريف مالي * حتى أنال فيكم المعالي أو أطعم الموت وتلكم حالي * في نصر عثمان ولا أبالي فقال عدي بن حاتم لصاحب لوائه أدن مني فاخذه وحمل وهو يقول:
يا صاحب الصوت الرفيع العالي ان كنت تبغي في الوغى نزالي فادن فاني كاشف عن حالي * تفدي عليا مهجتي ومالي وأسرتي يتبعها عيالي فضربه وسلب لواءه فقال ابن حطان وهو شامت به:
أ همام لا تذكر مدى الدهر فارسا * وعض على ما جئته بالأباهم سما لك يوما في العجاجة فارس * شديد القفيز ذو شجا وغماعم فوليته لما سمعت نداءه * تقول له خذ يا عدي بن حاتم فأصبحت مسلوب اللواء مذبذبا * وأعظم بهذا من شتيمة شاتم وقال عدي في بعض أيام صفين:
أ بعد عمار وبعد هاشم * وابن بديل فارس الملاحم ترجو البقاء مثل حلم الحالم * وقد عضضنا أمس بالأباهم فاليوم لا نقرع سن نادم * ليس امرؤ من يومه بسالم ولما تعاظمت الأمور على معاوية دعا خواص أصحابه فقال لهم انه قد غمني رجال من أصحاب علي فعد فيهم عدي بن حاتم وعبا لكل رجل منهم رجلا من أصحابه فعبأ لعدي عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فغدا عبد الرحمن و كان ارجاهم عند معاوية ان ينال حاجته فقواه معاوية بالخيل والسلاح فلقيه عدي بن حاتم في حماة مذحج وقضاعة فبرز عبد الرحمن امام الخيل ثم حمل فطعن الناس وقصده عدي بن حاتم وهو يقول:
أرجو إلهي وأخاف ذنبي * وليس شئ مثل عفو ربي يا ابن الوليد بغضكم في قلبي * كالهضب بل فوق قنان الهضب فلما كاد ان يخالطه بالرمح توارى عبد الرحمن في العجاج واستتر باسنة أصحابه واختلط القوم ورجع عبد الرحمن إلى معاوية مقهورا وقال عدي بن حاتم لما رفعت المصاحف بصفين يا أمير المؤمنين إن كان أهل الباطل لا يقومون باهل الحق فإنه لم يصب عصبة منا الا وقد أصيبت مثلها منهم وكل مقروح ولكنا أمثل بقية منهم وقد جزع القوم وليس بعد الجزع الا ما تحب فناجز القوم. وكان لعدي ابن اسمه زيد ولما مر أمير المؤمنين ع بالمدائن خلف عديا بها يجمع الناس فلحقه في ثمانمائة وخلف ابنه زيدا فلحقه في أربعمائة رجل منهم ثم لحق عليا ع وكان حابس بن سعد الطائي صاحب راية طئ مع معاوية فقتل فمر به عدي بن حاتم ومعه ابنه زيد بن عدي فرآه قتيلا فقال يا أبه هذا والله خالي قال نعم لعن الله خالك فبئس والله المصرع مصرعه فقال زيد من قتل هذا الرجل مرارا فخرج إليه رجل من بكر بن وائل فقال انا قتلته فطعنه زيد فقتله بعد ان وضعت الحرب أوزارها فحمل عليه عدي يسبه ويسب امه ويقول يا ابن المائقة لست على دين محمد ان لم أدفعك إليهم فضرب فرسه فلحق بمعاوية فأكرمه فدعا عليه عدي وقال لا أكلمه ابدا ولا يظلني وإياه سقف ولما لحق زيد بن عدي بمعاوية تكلم رجال من أهل