أيام الأغالبة والعبيديين وصنهاجة من لدن الفتح ولما دخل الهلاليون إفريقية واضطربت أمورها واقتسمت دولة صنهاجة الطوائف انتزى بقابس وصنهاجة المعز ابن محمد الصنهاجي وأدال منه يونس بن يحيى الصنبري من مرداس رياح بأخيه إبراهيم إلى أن هلك وولى أخوه القاضي ابن إبراهيم ثم نازله أهل قابس فقتلوه أيام تميم بن المعز بن باديس فبايعوا لعمر بن المعز بن باديس كان مخالفا على أخيه وذلك سنة تسع وثمانين وأربعمائة ثم غلبه عليها أخوه تميم وكام معتلقا للعرب وكانت قابس وضواحيها في قسم زغبة من عرب هلال ثم غلبتهم رياح عليها ونزل دكن بن كامل بن جامع من بنى دهمان وأخوه مادع وهما معا من بنى على احدى بطون رياح فاستحدث بها ملكا لقومه بنى جامع وأورثه بنيه إلى أن استولى الموحدون على إفريقية وبعث عبد المؤمن عساكره إلى قابس ففر عنها مدافع بن رشيد آخرهم وانتظمها كما ذكرناه في أخبارهم وملكها وانقرض ملك بنى جامع وصارت قابس وأعمالها للموحدين وكان ولاة إفريقية من السادة يولون عليها من الموحدين إلى أن تغلب بنو غالبة وقراقش على طرابلس وقابس وأعمالها وكان ما ذكرناه في أخبارهم ثم غلب الموحدون يحيى بن غانية عليها وأنزلوا بها عمالهم ولما دعا بنو أبى حفص إلى إفريقية المرة الثانية بعد مهلك الشيخ أبى محمد عبد الواحد وعقد العاقل على إفريقية لابنه أبى محمد عبد الله عقد معه على قابس للأمير أبى زكريا أخيه فنزلها أميرا ثم كان من شأن استبداده وخلعه لأخيه ولطاعة بنى عبد المؤمن ما ذكرناه وكان مشيخة قابس لذلك العهد في بيت من بيوتاتها وهم بنو مسلم لم يحضرني ممن نسبهم وبنو مكي ونسبهم في لواتة وهو مكي بن فرح بن زيادة الله ابن أبي الحسن بن محمد بن زيادة الله بن الحسين اللواتي وكان بنو مكي هؤلاء خالصة للأمير أبى زكريا ولما اعتزم على الاستبداد دخل أبو القاسم عثمان بن أبي القاسم بن مكي وتولى له أخذ البيعة على الناس وكان له ولقومه بذلك مكان من المولى أبى زكريا رعى لهم ذمتها ورفع من شأنهم بسببها ورموا بنى سليم نظراءهم في رياسة البلد بضغائنهم إلى ابن غانية فأخمدوا مالهم بماله ومحوا آثارهم واستقلوا بشورى بلدهم وأقاموا على ذلك أيام المولى أبى زكريا الأول وابنه المستنصر ثم كان ما قدمناه من مهلك الواثق بن المستنصر وبنيه على يد عمهم السلطان أبى اسحق وكان من أمر الداعي بن أبي عمارة وكيف شبه على الناس بالفضل بن المخلوع بحيلة من مولاه نصير رام أن يثأر بها من قاتلهم فتمت مكيدته في ذلك لما أراده الله ولما أظهر نصير أمره وتسايلت العرب إلى بيعته خطب لأول أمره رئيس قابس لذلك العهد من بنى مكي عبد المالك بن عثمان بن مكي فسارع إلى طاعته وحمل الناس عليها وكانت له بذلك قدم في الدولة معروف
(٤٢١)