وثلاثين أحمد بن يعلى من طبقة القواد في العساكر ودعاهم إلى هدم تطوان فامتنعوا ثم انقادوا وتنصلوا وأجابوا إلى هدمها ورجع عنهم فانتقضوا فسرح إليهم حميد بن يصل المكناسي في العساكر سنة تسع وثلاثين وزحفوا إليه بوادي لاو فأوقع بهم فأذعنوا بعدها وتغلب الناصر على طنجة من يد أبى العيش أمير بنى محمد وبقي باصيلا على بيعة الناصر ثم تخطت عساكر الناصر إلى بسائط المغرب فأذعن له أهله وأخذ بدعوته فيه امراء زناتة من مغراوة وبنى يفرن ومكناسة كما ذكرناه فضعف أمر بنى محمد واستأذنه أميرهم أبو العيش في الجهاد فأذن له وأمر ببناء القصور له في كل مرحلة من الجزيرة إلى الثغر فكانت ثلاثين مرحلة فأجاز أبو العيش واستخلف على عمله أخاه الحسن به كنون وتلقاه الناصر بالميرة وأجرى له ألف دينار في كل يوم وهلك شهيدا في مواقف الجهاد سنة ثلاث وأربعين وأخذ معه قائده جوهرا ولما قفل من المغرب راجع الحسن الطاعة للناصر إلى أن هلك سنة خمسين فأشحذ الحكم عزمه في سد ثغور المغرب وإحكام دعوتهم فيه وشحذ لها عزائم أوليائهم من ملوك زناتة فكان بينهم وبين زيرى وبلكين ما ذكرناه ثم أغزى معه بلكين بن زيرى المغرب سنة ثنتين وستين أولى غزواته فأثخن في زناتة وأوغل في ديار المغرب وقام الحسن بن كنون بدعوة الشيعة ونقض طاعة المروانية فلما انصرف بلكين أجاز الحكم إلى العدوة مع وزيره محمد بن قاسم بن طملس وخلف كثيرا من عسكره وأوليائه ودخل فلهم إلى سبتة واستصرخوا الحكم فبعث غالبا مولاه البعيد الصيت المعروف بالشهامة وأمده بما يعينه على ذلك من الأموال والجنود وأمره باستنزال الأدارسة وأجاز بهم إليه وقال سر يا غالب مسير من لا اذن له في الرجوع الا حيا منصورا أو ميتا معذورا واتصل خبره بالحسن بن كنون فأفرج عن مدينة البصرة واحتمل منها أمواله وحرمه وذخيرته إلى حجر النسر معقلهم القريب من سبتة ونازله غالب ببعض مصمودة فاتصلت الحرب بينهم أياما ثم بث غالب المال في رؤساء البربر من غمارة ومن معه من الجنود وفروا وأسلموه والحجر بقلعة جبل النسر ونازله غالب وأمده الحكم بعرب الدولة ورجال الثغور وأجازهم مع وزيره صاحب الثغر الأعلى يحيى بن محمد بن إبراهيم التجينسى فيمن معه من أهل بيته وحشمه سنة ثلاث وستين فاجتمع مع غالب على القلعة واشتد الحصار على الحسن وطلب من غالب الأمان فعقد له وتسلم الحصن من يده ثم عطف على من بقي من الأدارسة ببلاد الريف فأزعجهم وسيرهم شردا واستنزل جميع الأدارسة من معاقلهم وسار إلى فاس فملكها واستعمل عليها محمد بن علي بن قشوش في عدوة القرويين وعبد الكريم بن ثعلبة الجذامي في عدوة الأندلس وانصرف غالب إلى قرطبة ومعه الحسن بن كنون وسائر
(٢١٨)