واستولى ابن أبي العافية على فاس وأعمال المغرب وأجلى الأدارسة وأجذمهم بحصنهم حجر النسر ويحترف إلى جبال غمارة وبلاد الريف وكان لغمارة في التمسك بدعوتهم أياد ومقامات واستجدوا بتلك الناحية ملكا توزعوه قطعا كان أعظمها لبنى محمد هؤلاء ولبنى عمر بتيكيسان ونكور وبلاد الريف ثم سما الناصر عبد الرحمن إلى ملك العدوة ومدافعة الشيعة فنزل له بنو محمد عن سبتة سنة تسع وتناولها من يد الرضى بن عصام رئيس محكسة وكان يقيم فيها دعوة الأدارسة فأفرجوا له عنها ودانوا بطاعته وأخذها من يده ولما غزا أبو القاسم ميسور إلى المغرب لمحاربة ابن أبي العافية بفاس نقض طاعتهم ودعا للمروانية وجد بنو محمد السبيل إلى الانتصار والانتقام منه بمظاهرة ميسور عليه ووالاهم على ذلك بنو عمر صاحب نكور ولما استقل ابن أبي العافية من نكسته ورجع من الصحراء سنة خمس وعشرين منصرف ميسور من المغرب نازل بنى محمد وبنى عمر وهلك بعد ذلك وأجاز الناصر وزيره قاسم بن محمد بن طملس سنة ثلاث وثلاثين لحربهم وكتب إلى ملوك مغراوة محمد بن حزر وابنه بمظاهرة عساكره مع ابن أبي العيش عليهم فتسارع أبو العيش بن إدريس بن عمر المعروف بابن شالة إلى الطاعة وأوفد رسله إلى الناصر فعقد له الأمان وأوفد ابنه محمد بن أبي العيش مؤكدا للطاعة فاحتفل لقدومه وأكد له العقد ونصل سائر الأدارسة من بنى محمد مذهبهم وسألوا مثل سؤالهم فعقد لجميع بنى محمد أيضا وكان وفد منهم محمد بن عيسى بن أحمد بن محمد والحسن بن القاسم بن إبراهيم بن محمد وكان بنو إدريس يرجعون في رياستهم إلى بنى محمد هؤلاء منذ استبد بها آخرهم الحسن بن محمد الملقب بالحجام في ثورته على ابن أبي العافية فقدموا على أنفسهم القاسم بن محمد الملقب بكنون بعد فرار موسى بن أبي العافية وملك بلاد المغرب ما عدا فاس مقيما لدعوة الشيعة إلى أن هلك بقلعة حجر النسر سنة سبع وثلاثين وقام بأمرهم من بعده أبو العيش أحمد بن القاسم كنون وكان فقيها عالما بالأيام والاخبار شجاعا ويعرف بأحمد الفاضل وكان منه ميل للمروانية فدعا للناصر وخطب له على منابر عمله ونقض طاعة الشيعة وبايعه أهل المغرب كافة إلى سجلماسة ولما بايعه أهل فاس استعمل عليهم محمد بن الحسن ووفد محمد بن أبي العيش بن إدريس بن عمر بن شالة على الناصر عن أبيه سنة ثمان وثلاثين فاتصل به وفاة أبيه وهو بالحضرة فعقد له الناصر على عمله وسرحه وهجم عيسى ابن عمه أبى العيش أحمد بن القاسم كنون على عمله بتيكيسان في غيبة محمد فهبطها واحتوى على مال ابن شالة ولما أقبل محمد من الحضرة زحف برابرة غمارة إلى عيسى المذكور ابن كنون ففظعوا به وأثخنوه جراحة وقتلوا أصحابه ببلاد غمارة وأجاز الناصر قواده إلى المغرب وكان أول من أجاز إلى بنى محمد هؤلاء سنة ثمان
(٢١٧)