رسولا إلى عبد المؤمن فلقيه على تلمسان وأدى كتاب صاحبه فأنكر ما تضمنه من النعت بالمهدي ولم يجاوب وكان سدراتي بن وزير صاحب بطليوس وباجة وغرب الأندلس قد تغلب على أحمد بن قيسي هذا وغلبه على مرتلة فأجاز أحمد بن قيسي البحر إلى عبد المؤمن من بعد فتح مراكش لمداخلة علي بن عيسى بن ميمون ونزل بسبتة فجهزه يوسف ابن مخلوف ولحق بعبد المؤمن ورغبه في ملك الأندلس وأغراه بالملثمين فبعث معه عساكر الموحدين لنظر برار بن محمد المسوقي الناظر إلى عبد المؤمن من جملة تاشفين وعقد له على حروب من بها من لمتونة والثوار وأمده بعسكر آخر لنظر موسى بن سعيد وبعده بعسكر آخر لنظر عمر بن صالح الصنهاجي ولما أجازوا إلى الأندلس نزلوا بالغمر بن عزرون من الثوار بشريش وكانت له مع ولده ثم قصدوا لبلة وبها من الثوار يوسف ابن أحمد البطروجي فأعطاهم الطاعة ثم قصدوا مرتلة وهي تحت الطاعة لتوحيد صاحبها أحمد بن قيسي ثم قصدوا شلب ففتحوها وأمكنوا منها ابن قيسي ثم نهضوا إلى باجة وبطليوس فأطاعهم صاحب سدراتي بن وزير ثم بران في عسكر الموحدين إلى مرتلة حتى انصرم فصل الشتاء فخرج إلى منازلة إشبيلية فأطاعه أهل طليطلة وحصن القصر واجتمع إليه سائر الثوار وحاصروا إشبيلية برا وبحرا إلى أن افتتحوها في شعبان من سنة احدى وأربعين وفر الملثمون بها إلى قرمونة وقتل من أدرك منهم وأتى القتل على عبد الله بن القاضي أبى بكر بن العربي في هيعة تلك الدخلة من غير قصد وكتبوا بالفتح إلى عبد المؤمن بن علي وقدم عليه وفودهم بمراكش يقدمهم القاضي أبو بكر فتقبل طاعتهم وانصرفوا بالجوائز والاقطاعات لجميع الوفد سنة ثنتين وأربعين وخمسمائة وهلك القاضي أبو بكر في طريقه ودفن بمقبرة فاس وكان عبد العزيز وعيسى أخو المهدى من مشيخة العسكر بإشبيلية ساء أثرهما بالبلد واستطالت أيديهما على أهله واستباحوا الدماء والأموال ثم اعتز ما على الفتك بيوسف البطروجي صاحب لبلة فلحق ببلده وأخرج الموحدين الذين بها وحول الدعوة عنهم وبعث إلى طليطلة وحصن القصر ووصل يده بالملثمين الذين كانوا بالدعوة وارتد ابن قيسي في مدينة شلف وعلي بن عيسى بن ميمون بجزيرة قادس ومحمد بن الحجام بمدينة بطليوس وثبت أبو الغمر بن عزرون على طاعة الموحدين بشريش ورندة وجهاتهما وتغلب ابن غانية على الجزيرة الخضراء وانتقض أهل سبتة كما ذكرناه وضاقت أحوال الموحدين بإشبيلية فخرج منها عيسى وعبد العزيز أخو المهدى وابن عمهما يصليتن بمن كان معهم ولحقوا بجبال بستر وجاءهم أبو الغمر بن عزرون واتصلت أيديهم على حصار الجزيرة حتى افتتحوها وقتلوا من كان بها من لمتونة ولحق أخو المهدى بمراكش وبعث عبد المؤمن على إشبيلية يوسف بن
(٢٣٤)