وصولها برسمه إليه على يد واصل مولاه وكان بها ثوبان منسوجان بالجواهر فوصله بذلك كله ولم يزل معه إلى أن استشهد مجاهدا وولى الناصر على المهدية محمد بن يعمور من الموحدين ورجع إلى تونس ثم نظر فيمن يوليه أمر إفريقية لسد فرجها والذب عنها ومدافعة ابن غانية وجموعه دونها فوقع اختياره على الشيخ أبى محمد بن أبي حفص فعقد له على ذلك سنة ثلاث كما ذكرناه في أخباره ورجع الناصر إلى المغرب وأجمع ابن غانية النهوض لقتال الموحدين بتونس وجمع ذؤبان العرب من الزواودة وغيرهم وأوفد الزواودة يومئذ محمد بن مسعود بن سلطف بخبر بنى عوف بن سليم إلى الموحدين والتقوا بشبور من نواحي بلسة فانهزمت جموع ابن غانية ولجأ إلى جهة طرابلس ثم نهض إلى المغرب في جموعه من العرب والملثمين فانتهى إلى سجلماسة وامتلأت أيدي اتباعه من النهاب وخرقوا الأرض بالعيث والفساد وانتهى إلى المغرب الأوسط وداخله المفسدون من زناتة واعرف أن صاحب تلمسان السيد أبا عمران موسى بن يوسف بن عبد المؤمن فلقيه بتاهرت فهزمه ابن غانية وقتله وأسر وافده وكر راجعا إلى إفريقية فاعترضه الشيخ أبو محمد صاحب إفريقية في جموع الموحدين واستنقذ الغنائم من أيديهم ولجأ ابن غاية إلى جبال طرابلس وهاجر أخوه سير بن إسحاق إلى مراكش فقبله الناصر وأكرمه ثم اجتمع إلى ابن غانية طوائف العرب من رياح وعوف وهيث ومن معهم من قبائل البربر وعزم على دخول إفريقية ونهض إليهم الشيخ أبو محمد سنة ست ولقيهم بجبل نفوسة ففل عسكرهم واستلحم أمرهم وغنم ما كان معهم من الظهر والكراع والأسلحة وقتل يومئذ محمد بن الغاني وجوارين ويفرن وقتل معه ابن عمه من كتاب ابن أبي الشيخ ابن عساكر بن سلطان وهلك يومئذ من العرب الهلاليين أمير قرة سماد بن نخيل (حكى) ابن نخيل ان مغانم الموحدين يومئذ من عساكر الملثمين كانت ثمانية عشر ألفا من الظهر فكان ذلك مما أوهن من شدته وطامن من بأسه وتارت قبائل نفوسة بكبت ابن عصفور فقتلوا ولديه وكان ابن غانية يبعثه عليهم للمغرم وسار أبو محمد في نواحي إفريقية ودفع سلبهم واستتار أشياخهم بأهلهم وأسكنهم بتونس حسما لفسادهم وصلحت أحوال إفريقية إلى أن هلك الشيخ أبو محمد سنة ثمان عشرة وولى أبو محمد السيد أبو العلا إدريس بن يونس بن عبد المؤمن ويقال بل وليها قبيل مهلك الشيخ أبى محمد فاستطار بعد مهلكه سور بن عبابة ولخم فعابه رعيته ونهض إليه السيد أبو العلا ونزل قابس وأقام بقصر العروسيين وسرح ولده السيد أبا زيد بعسكر من الموحدين إلى درج وغدامس وسرح عسكرا آخر إلى ودان لحصار ابن غانية فأرجف بهم العرب ونهضوا وهم بهم السيد أبو العلا وفر ابن غانية إلى الزاب واتبعه السيد أبو زيد فنازل
(١٩٦)