امامه ولحق بالمهدية وحاصره ابن غانية برياسة سنة سبع وتسعين وأمده السيد أبو زيد بقطعتين من الغزاة حتى سأل ابن عبد الكريم النزول على حكمه وخرج إليه فقبض عليه ابن غانية وهلك في اعتقاله واستولى على المهدية واستضافها إلى ما كان بيده من طرابلس وقابس وصفاقس والجريد ثم نهض إلى الجانب الغربي من إفريقية فنازل باجة ونصب عليها المجانيق وافتتحها عنوة وخربها وقتل عاملها عمر بن غاب ولحق شريدها بالأربع وشقنبا رية وتركها خالية على عروشها وبعد مدة تراجع إليها ساكنها بأمن السيد أبى زيد فزحف إليها ابن غانية ونازلها وزحف إليه السيد أبو الحسن أخو السيد أبى زيد فلقيه بقسنطينة وانهزم الموحدون واستولى على معسكرهم ثم نهض إلى بسكرة واستولى عليها وقطع أيدي أهلها وتقبض على حافظها أبى الحسن ابن أبي يعلى وتملك بعدها بلنسية والقيروان وبايعه أهل بونة ورجع إلى المهدية وقد استفحل ملكه فأزمع على حصار تونس وارتحل إليها سنة تسع وتسعين واستعمل على المهدية علي بن الغاني ويعرف بالكافي بن عبد الله بن محمد بن علي بن غانية ونزل بالجبل الأحمر من ظاهر تونس ونزل أخوه بحلق الوادي ثم ضايقوه بمعسكرهم وردموا خندقها ونصبوا المجانيق والآلات واقتحموها لأربعة أشهر من حصارها في ختام المائة السادسة وقبض على السيد أبى زيد وابنه ومن كان معه من الموحدين وأخذ أهل تونس بغرم مائة ألف دينار وولى بقبضها منهم كاتبه ابن عصفور وأبا بكر بن عبد العزيز ابن اسكالك فأرهبوا الناس بالطلب حتى لاذ معظمهم بالموت واستعملوا القتل فيما نقل أن إسماعيل بن عبد الرفيع من لؤمائها القى بنفسه في بئر فهلك فرجع الطلب بنفيها عنهم وارتحل إلى نفوسة والسيد أبو زيد معتقل في معسكره ففعل بهم مثل ذلك وأغرمهم ألف ألف مرتين من الدنانير وكثر عيثه واضراره بالرعية وعظم طغيانه وعتوه واتصل بالناصر بمراكش مادهم أهل إفريقية منه ومن ابن عبد الكريم قبله فامتعض لذلك ورحل إليها سنة ستمائة وبلغ يحيى بن غانية خبر مرجعه إليه فخرج من تونس إلى القيروان ثم إلى قفصة واجتمع إليه العرب وأعطوه الرهن على المظاهرة والدفاع ونازل طرة من حصون مغراوة واستمالها وانتقل إلى حامة مطماطة ونزل الناصر تونس ثم قفصة ثم قابس وتحصن منه ابن غانية في جبل دمر فرجع عنه إلى المهدية وعسكر عليها واتخذ الآلة لحصارها وسرح الشيخ أبا محمد عبد الواحد بن أبي حفص لقتال ابن غانية في أربعة آلاف من الموحدين سنة ثنتين وستمائة فلقيه بجبل تاجورا من نواحي قابس وأوقع به وقتل أخاه جبارة بن إسحاق واستنقذ السيد أبا زيد من معتقله ثم افتتح الناصر المهدية ودخل إليها علي بن الغاني في دعوته فتقبله ورفع مكانه ووصله بهدية وافق
(١٩٥)