نهض من مراكش سنة ثمان وثمانين لحسم هذا الداء واستنقاذ ما غلبوا عليه ووصل إلى تونس فأراح بها وسرح في مقدمته السيد أبا يوسف يعقوب بن أبي حفص عمر بن عبد المؤمن ومعه عمر بن أبي زيد من أعيان الموحدين فلقيهم ابن غانية في جموعه بعهده فانهزم الموحدون وقتل ابن أبي زيد وجماعة منهم وأسر علي بن الربرتير في آخرين وامتلأت أملاك العدو من أسلابهم ومتاعهم ووصل سرعان الناس إلى تونس وصمد المنصور إليهم فأوقع بهم بظاهر الحامة في شعبان من سنته وأفلت ابن غانية وقراقش بحومة الوفر وبادر أهل قابس وكانت خالصة لقراقش دون ابن غانية فأتوا طاعتهم وأسلموا من كان عندهم من أصحابه وذويه فأحملوا إلى مراكش وقصد المنصور إلى توزر فحاصرها فأسلموا إليه من كان فيها من أصحاب ابن غانية وبادر أهلها بالطاعة ثم رجع إلى قفصة فحاصرها حتى نزلوا على حكمه وقتل من كان بها من الحشود وقتل إبراهيم ابن فراتكين وامتن على سائر الأعوان وخلى سبيلهم وأمن أهل البلد في أنفسهم وجعل املاكهم بأيديهم على حكم المساقاة تم غزا العرب واستباح عليهم واحتازهم حتى استقاموا على طاعته وفر ذو المراس كثير الخلاف والفتنة منهم إلى المغرب قبل جشم ورياح والعاصم كما قدمناه وقفل إلى المغرب سنة أربع وثمانين ورجع ابن غانية وقراقش إلى حالهما من الاجلاب على بلاد الجريد إلى أن هلك على في بعض حروبها مع أهل نفزاوة سنة أربع وثمانين أصابه سهم غرب كان فيه هلاكه فدفن هنا لك وعفى على قبره وحمل شلوه إلى ميورقة فدفن بها وقام بالأمر أخوه يحيى بن إسحاق ابن محمد بن غانية وجرى في مظاهرة قراقش وموالاته على سنن أخيه على ثم نزع قراقش إلى طاعة الموحدين سنة ست وثمانين فهاجر إليهم بتونس وتقبله السيد أبو زيد بن أبي حفص بن عبد المؤمن وأقام معه أياما ثم فر ووصل إلى قابس فدخلها مخادعة وقتل جماعة منهم واستبد على أشياخ ذباب والكعوب من بنى سليم فقتل سبعين منهم بقصر العروسيين كان منهم محمود بن طرق أبو المحاميد وحميد بن جارية أبو الجواري ونهض إلى طرابلس فافتتحها ورجع إلى بلاد الجريد فاستولى على أكثرها ثم فسد ما بينه وبين يحيى بن غانية وسار إليه يحيى فانتهز قراقش ولحق بالجبال وتوغل فيها ثم فر إلى الصحراء ونزل ودان ولم يزل بها إلى أن حاصره ابن غانية من بعد ذلك بمدة وجمع عليه أهل الثار من ذباب واقتحمها عليه عنوة وقتله وابنه بالموحدين ولم يزل بالحضرة إلى أيام المستنصر ثم فر إلى ودان وأجلب في الفتنة فبعث إليه ملك كام من قتله لسنة ست وخمسين وخمسمائة (رجع الخبر) واستولى ابن غانية على الجريد واستنزل ياقوت فولى قراقش من طرده كذا ذكره التجاني في رحلته ولحق ياقوت بطرابلس ونازله ابن
(١٩٣)