المنتظر وأجلب عليهم بعصائب من العرب فمكر به واركلا واعتقله ثم خلى سبيله بعد حين فخاض إلى السلطان منسا موسى مستجيشا به عليهم وقد كان بلغه توجهه للحج فأقام في انتظاره ببلد غدامس يرجو نصرا على عدوه ومعونة على أمره لما كان عليه منسا موسى من استفحال ملكه بالصحراء الموالية لبلد واركلا وقوة سلطانه فلقى منه مبرة وترحبا ووعده بالمظاهرة والقيام بثاره واستصحبه إلى بلدة أخرى وهو الثقة (قال كنا نواكبه أنا وأبو اسحق الطونجق دون وزرائه ووجوه قومه نأخذ بأطراف الأحاديث نتمتع وكان متحفا في كل منزل بطرف المآكل والحلاوات قال والذي تحمل آلته وحربته من الوصائف خاصة اثنا عشر ألفا لابسات أقبية الديباج والحرير اليماني (قال الحاج يونس ترجمان هذه الأمة بمصر) جاء هذا الملك منسا موسى من بلده بثمانين حملا من التبر كل حمل ثلاثة قناطير قال وانما يحملون على الوصائف والرجال في أوطانهم فقط وأما السفر البعيد كالحج فعلى المطايا (قال أبو خديجة) ورجعنا معه إلى حضرة ملكه فأراد أن يتخذ بيتا بمقعد سلطانه محكم البناء مجللا لغرابته بأرضهم فأطرافه أبو اسحق الطونجق ببناء قبة مربعة الشكل استفرغ فيها إجادته وكان صناع اليدين وأصفى عليها من الكاس ووالى عليها بالأصباغ المشبعة فجاءت من أتقن المباني ووقعت من السلطان موقع الاستغراب لفقدان صنعة البناء بأرضهم ووصله باثني عشر ألفا من مثاقيل التبر مثوبة عليها إلى ما كان له من الأثرة والميل إليه والصلات السنية وكان بين هذا السلطان منسا موسى وبين ملك المغرب لعهد من بنى مرين السلطان أبى الحسن مواصلة ومهاداة سفرت بينهما فيها الاعلام من رجال الدولتين واستجاد صاحب المغرب من متاع وطنه وتحت ممالكه مما تحدث عنه الناس على ما نذكره عند موضعه بعث بها مع علي بن غانم المغفل وأعيان من رجال دولته وتوارثت تلك الوصلة أعقابهما كما سيأتي واتصلت أيام منسا موسى هذا خمسا وعشرين سنة ولما هلك ولى أمر مالي من بعده ابنه منسا مغاومغا عندهم محمد وهلك لأربع سنين من ولايته وولى أمرهم من بعده منسا سليمان بن أبي بكر وهو أخو موسى واتصلت أيامه أربعا وعشرين سنة ثم هلك فولى بعده ابنه منسا بن سليمان وهلك لتسعة من ولايته فولى عليهم من بعده ماري جاطه بن منسا مغا بن منسا موسى واتصلت أيامه أربعة عشر عاما وكان أشر وال عليهم بما سامهم من النكال والعسف وافساد الحرم وأتحف ملك المغرب لعهد السلطان أبا سالم بن السلطان أبى الحسن بالمهدية المذكورة سنة ثنتين وستين وكان فيها الحيوان العظيم الهيكل المستغرب بأرض المغرب المعروف بالزرافة تحدث الناس بما اجتمع فيه من مفترق الحلي والشبه في جثمانه ونعوته دهرا (وأخبرني القاضي الثقة أبو عبد الله
(٢٠١)