منهم دولة أخرى ودول حسبما نذكر فلنذكر هذه الشعوب وما كان فيها من الدول بحسب ما بدا الينا من ذلك {الخبر عن برغواطة من بطون المصامدة ودولتهم ومبدأ أمرهم وتصاريف أحوالهم} وهم الجيل الأول منهم كان لهم في صدر الاسلام التقدم والكثرة وكانوا شيخا وشيعا مفترقين وكانت مواطنهم خصوصا من بين المصامدة في بسائط تامسنا وريف البحر المحيط من سلا وأزمور وأنقى وأسفى وكان كبيرهم لأول المائة الثانية من الهجرة طريف أبو صبيح وكان من قواد ميسرة الخفير طريف المضفري القائم بدعوة الصفرية ومعها معزوز بن طالوت ثم انقرض أمر ميسرة والصفرية وبقي طريف قائما بأمرهم بتامسنا ويقال أيضا انه تنبأ وشرع لهم الشرائع ثم هلك وولى مكانه ابنه صالح وقد كان حضر مع أبيه حروب ميسرة وكان من أهل العلم والخير فيهم ثم انسلخ من آيات الله وانتحل دعوى النبوة وشرع لهم الديانة التي كانوا عليها من بعده وهي معروفة في كتب المؤرخين وأدعى انه نزل عليه قرآن كان يتلو عليهم سورا منه يسمى منها سورة الديك وسورة الحمر وسورة الفيل وسورة آدم وسورة نوح وكثير من الأنبياء وسورة هاروت وماروت وإبليس وسورة غرائب الدنيا وفيها العلم العظيم بزعمهم حرم فيها وحلل وشرع وقصر وكانوا يقرؤونه في صلواتهم وكانوا يسمونه صالح المؤمنين كما حكاه البكري عن زمور بن صالح بن هاشم بن وراد الوافد منهم على الحاكم المستنصر الخليفة بقرطبة من قبل ملكهم أبى عيسى بن أبي الأنصاري سنة ثنتين وخمسين وثلثمائة وكان يترجم عنه بجميع خبره داود بن عمر المسطاسي قال وكان ظهور صالح هذا في خلافة هشام بن عبد الملك من سنة سبع وعشرين من المائة الثانية من الهجرة وقد قيل إن ظهوره كان لأول الهجرة وانه انما انتحل ذلك عنادا ومحاكاة لما بلغه شأن النبي صلى الله عليه وسلم والأول أصح ثم زعم أنه المهدى الأكبر الذي يخرج في آخر الزمان وان عيسى يكون صاحبه ويصلى خلفه وان اسمه في العرب صالح وفى السريان مالك وفى الأعجمي عالم وفى العبراني روبيا وفى البربري وربا ومعناه الذي ليس بعده نبي وخرج إلى المشرق بعد أن ملك أمرهم سبعا وأربعين سنة ووعدهم أنه يرجع إليهم في دولة السابع منهم وأوصى بدينه إلى ابنه الياس وعهد إليه بموالاة صاحب الأندلس من بنى أمية وباظهار دينه إذا قوى أمرهم وقام بأمره بعده ابنه الياس ولم يزل مظهرا للاسلام مسرا لما أوصاه به أبوه من كلمة كفرهم وكان طاهرا عفيفا زاهدا وهلك لخمسين سنة من ملكه وولى أمرهم من بعده ابنه يونس فأظهر دينهم ودعا إلى كفرهم وقتل من لم يدخل في أمره حتى حرق مدائن تامسنا
(٢٠٧)