لمحاربة مغراوة ملوك تلمسان وبها يومئذ الأمير العباس بن بختي من ولد يعلى بن محمد ابن الخير بن محمد بن خزر فدوخوا المغرب الأوسط وصاروا في بلاد زناتة وظفروا بيعلى ابن الأمير العباسي فقتلوه وانكفوا راجعين من غزاتهم ثم نهض يوسف بن تاشفين سنة ثلاث بعدها إلى الريف وافتتح كرسف ومليلة وسائر بلاد الريف برقاس ثم افتتح مدينة تلمسان واستلحم من كان بها من مغراوة وقتل العباس بن بختي أمير تلمسان وأنزل محمد ابن تيغمر المستوفى بها في عساكر المرابطين فصارت ثغرا لملكه ونزل بعساكره واختط بها مدينة تاكرارت بمكان محلته وهو اسم المحلة بلسان البربر ثم افتتح مدينة تنس ووهران وجبل وانشريس إلى الجزائر وانكف راجعا إلى المغرب قافلا مراكش سنة خمس وسبعين ولم يزل محمد بن تيغمر واليا بتلمسان إلى أن هلك وولى بعده أخوه تاشفين ثم إن الطاغية تكالب على بلاد المسلمين وراء البحر وانتهز الفرصة فيها بما كان من الفرقة بين ملوك الطوائف فحاصر طليطلة وبها القادر بن يحيى بن ذي النون حتى نالهم الجهد وتسلمها منه صلحا سنة ثمان وسبعين على أن يملكه بلنسية فبعث معه عسكرا من النصرانية فدخل يلنسية وتملكها على حين مهلك صاحبها أبى بكر بن العزيز بين يدي حصار طليطلة وسار الطاغية في بلاد الأندلس حتى وقف بفرضة المجاز من صريف وأعيا أمره أهل الأندلس واقتضى منهم الجزية فأعطوها ثم نازل سرقسطة وضيق على ابن هود بها وطال مقامه وامتد أمله إلى تملكها فخاطب المعتمد بن عباد أمير المسلمين يوسف بن تاشفين منتجزا وعده في صريخ الاسلام بالعدوة وجهاد الطاغية وكاتبه أهل الأندلس كافة من العلماء والخاصة فاهتز للجهاد وبعث ابنه المعز في عساكر المرابطين إلى سبتة فرضة المجاز فنازلها برا وأحاطت بها أساطيل ابن عباد بحرا فاقتحموها عنوة في ربيع الآخر سنة ست وسبعين وتقبض على ضيا الدولة وقيد إلى المغرب فقتله صبرا وكتب إلى أبيه بالفتح ثم أجاز ابن عباد البحر في جماعته والمرابطين ولقيه بفاس مستنفرا للجهاد وأنزل له ابنه الراضي عن الجزيرة الخضراء لتكون رباطا لجهاده فأجاز البحر في عساكر المرابطين وقبائل المغرب ونزل الجزيرة سنة تسع وثمانين وأربعمائة ولقيه المعتمد بن عباد وابن الأفطس صاحب بطليوس وجمع ابن أدفونس ملك الجلالقة أمم النصرانية لقتاله ولقى المرابطين بالزلاقة من نواحي بطليوس فكان للمسلمين عليه اليوم المشهور سنة احدى وثمانين ثم رجع إلى مراكش وخلف عسكرا بالأشبيلية لنظر محمد ومجون بن سيمونن بن محمد بن وركوت من عشيرة ويعرف أبوه بالحاج وكان محمد من بطانته وأعاظم قواد تكاليب الطاغية على شرق الأندلس ولم يغن فيه أمراء الطوائف شيئا فزحف إليه من سبتة ابن الحاج قائد يوسف بن تاشفين
(١٨٦)