ثم استأصل شأفتهم ومحا أثر دعوتهم من المغرب وهلك في جهادهم سليمان بن عروا سنة احدى وخمسين لسنة من وفاة عبد الله بن ياسين ثم نازل أبو بكر مدينة لواتة وافتتحها عنوة وقتل من كان بها من زناتة سنة ثنتين وخمسين وبلغه وهو لم يستتم فتح المغرب بعد ما وقع من الخلاف بين لمتونة ومسوفة ببلاد الصحراء حيث أصل أعياصهم ووشايج أعراقهم ومنيع عددهم فخشى افتراق الكلمة وانقطاع الوصلة وتلافي أمره بالرحلة وأكد ذلك وزحف بلكين بن محمد بن حماد صاحب القلعة إلى المغرب سنة ثلاث وخمسين لقتالهم فارتحل أبو بكر إلى الصحراء واستعمل على المغرب ابن عمه يوسف بن تاشفين ونزل له عن زوجه زينب بنت اسحق ولحق بقومه ورفع ما كان بينهم من حرق الفتنة وفتح بابا من جهاد السودان فاستولى على نحو تسعين رحلة من بلادهم وأقام يوسف بن تاشفين بأطراف المغرب ونزل بلكين صاحب القلعة فاس وأخذ رهنها على الطاعة وانكف راجعا فحينئذ سار يوسف بن تاشفين في عسكره من المرابطين ودوخ أقطار المغرب ثم رجع أبو بكر إلى المغرب فوجد يوسف بن تاشفين قد استبد عليه وأشارت عليه زينب أن يريه الاستبداد في أحواله وأن يعد له متاع الصحراء وما عونها ففطن لذلك الأمير أبو بكر وتجافى عن المنازعة وسلم له الامر ورجع إلى أرضه فهلك لمرجعه سنة ثمانين وأربعمائة واختط يوسف مدينة مراكش سنة أربع وخمسين ونزلها بالخيام وأدار سورها على مسجد وقصبة صغيرة لاختزان أمواله وسلاحه وكمل تشييدها وأسوارها على ابنه من بعده سنة ست وعشرين وخمسمائة وجعل يوسف مدينة مراكش لنزله لعسكره وللتمرس بقبائل المصامدة المصيفة بمواطنهم بها في جبل دون فلم يكن في قبائل المغرب أشد منهم ولا أكثر جمعا ثم صرف عزمه إلى مطالبة مغراوة وبنى يفرن وقبائل زناتة بالمغرب وجذب الخيل من أيديهم وكشف ما نزل بالرعايا من جورهم وعسفهم فقد كانوا من ذلك على ألم (حدث المؤرخون في أخبار مدينة فاس ودولتهم فيها بكثير منه) فنازل أولا قلعة فازاز وبها مهدى بن توالى من بنى يحفش قال صاحب نظم الجواهر وهم بطن من زناتة وكان أبو تولى صاحب تلك القلعة ووليها هو من بعده فنازله يوسف بن تاشفين ثم استجاش به على فاس مهدى بن يوسف الكرنامي صاحب مكناسة بما كان عدو المعنصر المغراوي صاحب فاس فزحف في عساكر المرابطين إلى فاس وجمع إليه معنصر ففض جموعه وارتحل يوسف إلى فاس وتقري منازلها وافتتح جميع الحصون المحيطة بها وأقام عليها أياما قلائل وظفر بعاملها بكار بن إبراهيم فقتله ثم نهض إلى مغراوة افتتحها وقتل من كان بها من أولاد وانودين المغراوي ورجع إلى فاس فافتتحها صلحا سنة خمس وخمسين ثم رجع إلى
(١٨٤)