فاختلفوا على عبد الله بن ياسين امامهم وتحول عنهم إلى لمتونة وأقصر عن دعوته وتنسك وترهب كما قلناه حتى إذا أجاب داعية يحيى بن عمر وأبى بكر بن عمر من بنى ورتانطو بيت رياسة لمتونة واتبعهم الكثير من قومهم وجاهدوا معه سائر قبائل الملثمين وكان مسوقة قد دخل في دعوة المرابطين كثير منهم فكان لهم بذلك في تلك الدولة حظ من الرياسة والظهور وكان يحيى المسوقي من رجالاتهم وشجعانهم وكان مقدما عند يوسف بن تاشفين لمكانه في قومه واتفق أنه قتل بعض رجالات لمتونة في ملاحاة وقعت بينهما فتثاور الحيان وفرهو إلى الصحراء ففدى يوسف بن تاشفين القتيل ووداه واسترجع عليا من مفره لسنين من مغيبه وأنكحه امرأة من أهل بيته تسمى غانية بعهد أبيها إليه في ذلك فولدت منه محمدا ويحيى تحت ابن تاشفين وحجر كفالته ورعى لهما علي بن يوسف ذمام هذه الأمور وعقد ليحيى على غرب الأندلس وأنزله قرطبة وعقد لمحمد على الجزاير الشرقية ميورقة ومن ورقة ويابسة سنة عشرين وخمسمائة وانقرض بعد ذلك أمر المرابطين وتقدم وفد الأندلس إلى عبد المؤمن وبعث معهم أبا إسحاق براق بن محمد المصمودي من رجالات الموحدين وعقد له على حرب لمتونة كما يذكر في أخبارهم فملك إشبيلية واقتضى طاعة يحيى بن علي بن غانية واستنزله عن قرطبة إلى حمال والقليعة فسار منها إلى غرناطة يستنزل من بها من لمتونة ويحملهم على طاعة الموحدين فهلك هنا لك سنة ثلاث وأربعين ودفن بقصر باديس وأما محمد بن علي فلم يزل واليا إلى أن هلك وقام بأمره بعده ابنه عبد الله ثم هلك وقام بالأمر أخوه إسحاق بن محمد بن علي وقيل إن اسحق ولى بعد ابنه محمد وأنه قتله غيرة من أخيه عبد الله لمكان أبيه منه فقتلهما معا واستبد بأمره إلى أن هلك سنة ثمانين وخمسمائة وخلف ثمانية من الولد وهم محمد وعلى ويحيى وعبد الله والغاني وسير والمنصور وجبارة فقام بالأمر ابنه محمد ولما أجاز يوسف بن عبد المؤمن بن علي إلى ابن الربرتير لاختبار طاعتهم وأحسن وصوله نكر ذلك اخوته وتقبضوا عليه واعتقلوه وقام بالأمر أخوه علي بن محمد بن علي وتلوموا في رد ابن الربرتير إلى مرسله وحالوا بينه وبين الأسطول حين بلغهم أن الخليفة يوسف القسري استشهد في الجهاد باركش من العدوة وقام بالأمر ابنه يعقوب واعتقلوا ابن الربرتير وركبوا البحر في ثنتين وثلاثين قطعة من أساطيلهم وأسطوله وركب معه اخوته يحيى وعبد الله والغاني وولى على ميورقة عمه أبا الزبير وأقلعوا إلى بجاية فطرقوها على حين غفلة من أهلها وعليها السيد أبو الربيع بن عبد الله بن عبد المؤمن وكان بايميلول من خارجها في بعض مذاهبه فلم تمانعه أهل البلد واستولوا عليها في صفر سنة احدى وثمانين واعتقلوا بها السيد أبا موسى بن عبد المؤمن كان قافلا من إفريقية يؤم المغرب
(١٩٠)