ودخولها ضمنا إنما يتم على قاعدة من لا يترك الميسور بالمعسور، وقد بينا بطلانها في موضعه.
ودليل الثالث: صحة الوصية ابتداء، فخرج عن الوارث لنفوذ الوصية المعينة، فلا يعود إليه إلا بدليل، ولم يثبت، غاية الأمر أنه قد تعذر صرفه في الوجه المعين، فيكون كمجهول المالك، فيصرف في وجوه البر.
ويرد عليه أولا: أن عدم دليل على عوده إلى الوارث لا يوجب صرفه في وجوه البر أيضا، لعدم الدليل عليه أيضا، ومجهول المالك الذي يصرف فيها إنما هو غير ذلك، بل هو على النحو المعهود، وقياس ذلك عليه باطل.
وثانيا: أن لنا أن نقول: إن الموصى به على هذا الوجه إنما هو مثل المبيع بشرط الخيار، أو المبيع الذي يثبت فيه خيار الغبن للمشتري، أو المؤجر به الذي ثبت للمستأجر خيار الفسخ بعد فوت المؤجر، لحصول نقصان في منفعته أو عينه، فإن العين في الأولين والمنفعة في الأخير لم تنتقل بالموت إلى الوارث، ولكن كان للميت في العين والمنفعة المذكورتين حق، هو كونه بحيث لو فسخ العقد ينتقل إليه، وهذا الحق قد انتقل إلى الوارث، لانتقال جميع حقوق مورثه إليه ولازم ذلك انتقال العين أو المنفعة إليه بعد الفسخ، فكذا فيما نحن فيه، فنقول: إن الموصى به إنما هو بحيث لو بطلت الوصية فيه ابتداء أو لعارض لصار كما كان ملكا للموصي، وهذا حق له ينتقل إلى الوارث، ويلزمه انتقال الموصى به إليه.
فإن قيل: من أين علم ثبوت هذا الحق للموصي حتى ينتقل إلى الوارث؟
قلنا: لأن الموصى به كان ملكا له فالأصل بقاؤه عليه، إلا بقدر علم