منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٥٥٣
المتيقن هو الأكثر، فيقتصر في الترك عليه، وفي الأقل وهو الافراد المعلومة تجري البراءة على العكس في الواجبات، فان المتيقن منها هو الأقل، فهو الواجب وتجري البراءة فيما عداه وهو الأكثر.
رابعتها: تعلقه بنفي الطبيعة بنحو القضية المعدولة بحيث يكون المطلوب عنوانا بسيطا كما أشرنا إليه آنفا. وهذه الوجوه الأربعة هي محتملات تعلق النواهي بالطبائع ثبوتا. ولعل الاستظهار منها يختلف باختلاف الموارد، فالمرجع خصوصيات الأدلة.
ولا يخفى أن تفصيل المصنف وان كان متينا ثبوتا، لكن لا دليل عليه إثباتا حيث إن ظاهر القضايا هو السلب المحصل لا المعدولة، لاحتياجها إلى مئونة زائدة ثبوتا وإثباتا، وعليه فقول شيخنا الأعظم (قده) بجريان البراءة مطلقا ناظر إلى ما هو الغالب في مقام الاثبات.
ثم إن ما تقدم في الشبهة التحريمية يجري في الشبهة الوجوبية أيضا، فإذا قال: (أكرم العالم) فتارة يراد به وجوب إكرام طبيعة العالم بحيث لو لم يكرم فردا من أفرادها لم يطع أصلا وان أكرم سائر الافراد، وأخرى يراد به وجوب إكرام كل فرد من أفرادها بنحو العام الاستغراقي. فعلى الأول يجب إكرام كل مشتبه فضلا عن معلوم العالمية، لان امتثال وجوب إكرام الطبيعة المطلقة لا يحرز إلا بإكرام الفرد المشتبه، فهو من قبيل الشك في المحصل، فيجب ذلك أيضا، لتوقف العلم بحصول غرض المولى عليه.
وعلى الثاني لا يجب إكرام الفرد المشتبه، لكونه شكا في التكليف، إذ المفروض تعلق الحكم بالافراد، والشك في فردية شئ شك في موضوعيته، والشك في الموضوع يستتبع الشك في الحكم.