لكون أفعال العباد الاختيارية متعلقة لها، فلابد من وجودها لاتحاد الإرادة والمشيئة، وأخرى للحبر، كقوله تعالى " وما تشاؤن الا أن يشاء الله " 1، وقوله سبحانه " قل الله يضل من يشاء ويهدى إليه من أناب " وقوله عز وجل " لله ما في السماوات وما في الأرض وان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء " 3، وقوله تعالى " لتدخلن المسجد الحرام انشاء الله آمنين محلقين رؤوسكم " 4، وقوله سبحانه " ستجدني انشاء الله صابرا " 5، وقوله تعالى " قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا الا ما شاء الله " 6، وقوله عز وجل " لو يشاء الله لهدى الناس جميعا " 7، وقوله تعالى " ولا تقولن لشئ انى فاعل ذلك غدا الا أن يشاء الله " 8 إلى غير ذلك من الآيات المتضمنة للمشيئة البالغة مائتي آية.
ولكن لأدلة في شئ منها على ما استدل بها له.
أما الآية الأولى وما بمضمونها، فلان صدرها متضمن لبيان أن القرآن يكون هاديا وان الانسان يكون متمكنا من الهداية إلى الحق بواسطته، ولكن الضالين لا يشاؤن هذه الهداية بسوء اختيارهم. فهي بقرينته تدل على أن الله تعالى لو شاء أن يجبرهم على أن يتخذوا إلى ربهم سبيلا كان له ذلك، ولكنه لم يشأ لان دار الدنيا دار الأسباب والاختيار، بل جعل ذلك تحت اختيارهم ومشيئتهم.
ويمكن أن يقال: ان المراد بها " ما تشاؤن الاسلام الا أن يشاء الله أن يلطف لكم في الاستقامة "، لما في الكلام من معنى النعمة.