هو أن يحكم على ما ينقله عن الصدوق بوجوب العمل به، إلى أن ننتهي إلى ما ينقله الصفار عن الإمام، لكي يكون معنى وجوب العمل به أن يحكم على صلاة الجمعة مثلا بالوجوب. وبالجملة: فلا فرق بين جميع المشارب في تحليل حجية الأمارات.
وثانيا: أنه لا دليل على لزوم أن يكون الأثر المترتب على المخبر به عملا خارجيا حتى يشمله دليل صدق العادل، بل نفس الاستطراق به إلى ما يخبر عنه والوصول به إليه أيضا أثر عملي متناسب لهذا المخبر به الخاص، أعني خبر المفيد مثلا، فالانتقال منه إلى خبر الصدوق أثر عملي مناسب له، ويكفي في شمول الدليل له هذا الأثر أيضا بعد ما عرفت من بناء العقلاء عليه.
ومنه تعرف أن الأساتيذ والمشايخ (قدس سرهم) وصلوا إلى خبر الصفار من ناحية خبر الشيخ، وشمول عموم دليل الحجية له، ولو ذكروا أولا في بيان الاستدلال خبر الصفار عن الإمام (عليه السلام) فإنما هو لأن ملاك الحجية هو هذا الحكم العملي المستقل الغير الطريقي، فالحكم على الوسائط وإن كان أثرا عمليا إلا أن خروج كل منها عن اللغوية موقوف على ما أخبر به مبدأ السلسلة من قول الإمام (عليه السلام)، أو موضوع حكم من أحكامه الغير الطريقية هذا.
ثم إنه قد أجيب عن أصل الإشكال بجوابين آخرين:
أحدهما ما في الدرر: من أن المراد بوجوب تصديق العادل إيجاب العمل الخارجي، والأثر العملي - في مورد الإخبار ذي الواسطة - منحصر فيما ينتهي إليه هذه الأخبار، أعني قول الإمام (عليه السلام)، فمعنى إيجاب العمل بخبر كل من هؤلاء الوسائط هو إيجاب العمل بما انتهى إليه قولهم، أعني: بما قاله الإمام (1) (عليه السلام) انتهى.
وفيه: أنه إذا سلم أن معنى وجوب تصديق العادل إيجاب العمل الخارجي كان مآله إلى اختصاص الحجية بكل خبر عادل كان العمل الخارجي بما أخبر به