كلماتهم، وينادون به بأعلى أصواتهم، لكنك قد عرفت أن الحق خلافه، وأنه ليس في باب الطرق عند العقلاء سوى الطريقية التي قد مر تفسيرها، بمعنى: أن العقلاء كما يرون الشخص إذا قطع وعلم بالواقع واصلا إلى الواقع فهكذا إذا قام عنده طريق معتبر يرونه واصلا إليه، وطريقية الطريق ورسالته تنتهي وتختتم بمحض هذا الإيصال، ومسألة ترتيب الأثر ليست من مقومات معنى الطريقية، بل لما كان الشخص بعد أداء الطريق رسالته مثل ما إذا حصل له علم قطعي بالواقع واصلا للواقع، فلا محالة إذا كان للواقع أثر شرعي يرتبه عليه، وإذا كان ذو الطريق أيضا طريقا، فبعد الوصول إليه يتطرق به أيضا إلى ما يخبر به ويصل إلى ما أخبر به، وهكذا... إلى أن يصل إلى الواقع الذي هو حكم الله أو موضوعه.
فهذا هو حقيقة الطريقية عند العقلاء أنفسهم، ولا ريب أن الشارع لم يأت فيها بأمر جديد، بل أمضى نفس هذا المعنى في ما يراه طريقا، فليس معنى الطريقية إلا نفس تلك الطريقية، وترتب الأثر خارج عن قوامها. نعم، حيث إن إمضاء الشرع وجعله محدود بدائرة الأحكام الشرعية وموضوعاتها، فقهرا يخرج عن حيطة جعله وإمضائه ما لا يصل بالمرة إلى موضوع أو حكم شرعي أصلا، وأما ما يصل وينتهي إليه فطريقيته ممضاة شرعا بنفس هذا المعنى الذي بيناه، من دون أن يدخل وجوب ترتيب الأثر في قوامه، أو كان إليه مآله.
نعم، لا نضايق في التعبير عن هذا المعنى بأية عبارة كانت، كالتعبير بلزوم التبين وعدمه، أو بوجوب التصديق وعدمه، إلى غير ذلك من العبارات المذكورة أو المستنبطة من أدلة الحجية، إلا أنها لا تعدو الحقيقة التي ذكرناها في طريقية الطرق المعتبرة. وظني أنه مراد بعض أعاظم عصر المحقق الخراساني، أو أنه محمول عليه، فلا يرد عليه ما أورده في تعليقته المباركة على الفرائد. فراجع. والله العالم. كما أن إليه يؤول أو عليه يحمل ما عن شيخ مشايخنا في الدرر (1) فراجع.