الزنا والخمر وأكل الربا، وإذا جهل ذلك أعلمته وأخبرته، فإن ركب بعد ذلك جلدته وأقمت عليه الحد " (1). وفيه دلالة واضحة: أن ظهور الآيات الدالة على حرمة تلك الأعمال حجة على من يعرف اللسان العربي، وقد أطلق عليه العلم وجعله موجبا للخروج عن عنوان الجاهل بمجرد قراءة السورة التي هي فيها، ومن الواضح أن القراءة لا موضوعية لها، بل هي طريق للالتفات إلى معناها الظاهر فيها.
وفي موثقة ابن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: شرب رجل الخمر على عهد أبي بكر، فرفع إلى أبي بكر، فقال له: أشربت خمرا؟ قال: نعم. قال: ولم وهي محرمة؟ قال: فقال له الرجل: إني أسلمت وحسن إسلامي ومنزلي بين ظهراني قوم يشربون الخمر ويستحلون، ولو علمت أنها حرام اجتنبتها. فالتفت أبو بكر إلى عمر فقال: ما تقول في أمر هذا الرجل؟ فقال عمر: معضلة وليس لها إلا أبو الحسن، فقال أبو بكر: ادع لنا عليا، فقال عمر: يؤتى الحكم في بيته، فقام والرجل معهما ومن حضرهما من الناس حتى أتوا أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأخبراه بقصة الرجل، وقص الرجل قصته، فقال: ابعثوا معه من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار من كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه، ففعلوا ذلك به فلم يشهد عليه أحد بأنه قرأ عليه آية التحريم، فخلى سبيله، فقال له: إن شربت بعدها أقمنا عليك الحد (2).
ومنها: ما ورد من استدلالهم (عليهم السلام) لاثبات الحكم الذي يقولونه بظواهر الكتاب، فإنه ظاهر في أن الاستدلال بها إنما وقع بما أن للآية بنفسها ظهورا ومفهوما قابلا للاستدلال به، لا بما أن تفسيرهم (عليهم السلام) لها دليل على معناه.
فهذه الأخبار تدل على أن ظواهر الكتاب حجة قابلة للاستناد إليها، بل في بعض هذه الأخبار إرجاع للرواة إلى أن يستندوا إلى تلك الظواهر، مثل ما في