فلان كذا، وجاء عن فلان كذا، فأدخل قولكم فيما بين ذلك، فقال لي: " اصنع كذا فإني كذا أصنع " (1).
فقد قرره (عليه السلام) على إفتائه المستند إلى ما جاء عنهم (عليه السلام)، وصرح بجواز مثل هذا الإفتاء بقوله: " إصنع كذا " فتدل دلالة واضحة على جواز الإفتاء إذا استند إلى ما جاء عنهم، وبساطة الافتاء وغموضه لا يوجب الفرق بينهما في الجواز، إذا اشتركا في الاستناد إلى ما جاء عنهم (عليهم السلام).
الثالثة: ما تدل على جواز الرجوع إلى الثقات من العلماء وأخذ معالم الدين عنهم، فإنها بإطلاقها تدل على أن ما يقوله العلماء من معالم الدين فهو معتبر، ومن معالم الدين أحكامه التي يستنبط من أدلتها فتدل هذه الطائفة دلالة واضحة على حجية ما يستنبطه العلماء من الآيات والروايات.
ففي معتبر علي بن يقطين، عن الرضا (عليه السلام) قال: " قلت: لا أكاد أصل إليك أسألك عن كل ما أحتاج إليه من معالم ديني أفيونس بن عبد الرحمان ثقة آخذ عنه ما أحتاج إليه من معالم ديني؟ فقال: " نعم " (2).
فالرواية دلت على جواز أخذ معالم الدين من يونس، لأنه ثقة، فكل عالم ثقة يجوز أخذ معالم الدين عنه، ومن الواضح أن أخذ المعالم كما يصدق على أخذ الروايات المشتملة على بيان معالم الدين، كذلك يصدق على أخذ المعالم المستنبطة من هذه الروايات، بل لعل الثاني أولى، وإن كان الحق عمومه لهما.
وفي صحيح عبد الله بن أبي يعفور، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنه ليس كل ساعة ألقاك ولا يمكن القدوم، ويجئ الرجل من أصحابنا فيسألني وليس عندي كل ما يسألني عنه، فقال: " ما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي فإنه سمع من أبي وكان عنده وجيها " (3).
فإن إرجاعه (عليه السلام) إلى محمد بن مسلم يدل على اعتبار قول محمد بن مسلم،