والظاهر أن من أخبار هذه الطائفة ما ورد عنهم (عليهم السلام) من الإرجاع إلى أشخاص أصحابهم خاليا عن ذكر علة يستدل بها على عموم حكمهم، كما في صحيح شعيب العقرقوفي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ربما احتجنا أن نسأل عن الشئ فمن نسأل؟ قال: " عليك بالأسدي (يعني أبا بصير) " (1).
فإن الأمر بالسؤال عنه ظاهر عرفا في حجية الجواب، والجواب كما يصح أن يكون بنقل الحديث صح أن يكون بذكر الفتوى المستنبطة عن الأدلة.
ومثله صحيحة يونس بن يعقوب (2) وغيرها (3).
الطائفة الرابعة: ما تدل على جواز تقليد العلماء العدول ففي الخبر المروي عن احتجاج الطبرسي، عن أبي محمد العسكري (عليه السلام)، عن الصادق (عليه السلام) " في حديث ": " وكذلك عوامنا إذا عرفوا من علمائهم الفسق الظاهر، والعصبية الشديدة، والتكالب على الدنيا وحرامها، فمن قلد مثل هؤلاء فهو مثل اليهود الذين ذمهم الله بالتقليد لفسقة علمائهم، فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه... (4) الحديث.
فإنه صريح في جواز تقليد العوام عن العلماء الموصوفين بالصفات المذكورة التي لا تزيد - ظاهرا - على الإتصاف بالعدالة وعدم ركوب الفسق والتكالب على حرام الدنيا.
فالمتحصل من جميع ما مر: تطابق الأدلة الثلاثة على حجية قول العلماء وفتاواهم، وقد عرفت أن مفادها أن فتوى العالم طريق معتبر إلى الواقع المحكي في قالب الفتوى، فيجوز التقليد عن المجتهد العادل الأمين.
وبعد ذلك يقع الكلام في فروع جواز التقليد في ضمن مباحث أخرى: