الأحكام، وتجويز الإفتاء ملازم عرفا لحجية الفتوى وجواز الأخذ بها.
وكيف كان ففي صحيحة أبي عبيدة قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): " من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه " (1) دلت بالمنطوق على حرمة الإفتاء إذا كان بغير علم، ومفهومها الواضح جواز الإفتاء عن علم، ولازمه كما عرفت حجية قول المفتى حينئذ وطريقيته، ولو بمعونة الارتكاز القطعي في مورده.
وفي صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): " إياك وخصلتين ففيهما هلك من هلك: إياك أن تفتي الناس برأيك أو تدين بما لا تعلم " (2) دلت بمفهومها على جواز الإفتاء إذا كان لا عن رأيه، بل عن الأدلة المعتبرة التي هي من مصاديق العلم عند العرف، ولازمة طريقية الفتوى.
وفي موثقة السكوني، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
" من أفتى الناس بغير علم لعنته ملائكة السماء والأرض " (3). ودلالتها كسابقيتها.
وفي الباب أخبار كثيرة تدل على جواز الإفتاء بالأدلة المعتبرة، فراجعها (4).
ولأن أبان بن تغلب الذي كان ممن لا يفتي بغير علم قال له أبو جعفر (عليه السلام):
" اجلس في مسجد المدينة وأفت الناس فإني أحب أن يرى في شيعتي مثلك " (5).
ولذلك أيضا قرر الصادق (عليه السلام) فعل معاذ بن مسلم النحوي حيث قال (عليه السلام) له:
" بلغني أنك تقعد في الجامع فتفتي الناس "؟ قلت: نعم، وأردت أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج: إني أقعد في المسجد فيجئ الرجل فيسألني عن الشئ فإذا عرفته بالخلاف لكم أخبرته بما يفعلون، ويجئ الرجل أعرفه بمودتكم وحبكم فأخبره بما جاء عنكم، ويجئ الرجل لا أعرفه ولا أدري من هو فأقول: جاء عن