سواء كان في قالب نقل الرواية أو في قالب الفتوى المستفادة منها، وتعليل هذا الإرجاع بقوله (عليه السلام): " فإنه سمع من أبي وكان عنده وجيها " يدل على عدم خصوصية لابن مسلم، بل كل من سمع منهم (عليهم السلام) وكان وجيها يجوز الأخذ عنه رواية وفتوى، والمقصود والملاك في كون الرجل وجيها عندهم أن يكون ثقة أمينا، كما يشهد به المعتبرة الماضية والروايات الآتية، بل إذا استظهر من قوله (عليه السلام): " فإنه سمع من أبي " أنه عالم بمعالم الدين لكان فيه دلالة على إمضاء القاعدة العقلائية الماضية، أعني جواز رجوع الجاهل إلى العالم، وطريقية قوله له، كما عرفت في صحيحة إسماعيل بن الفضل الهاشمي فتذكر.
وفي صحيح علي بن المسيب الهمداني، قال: قلت للرضا (عليه السلام): شقتي بعيدة ولست أصل إليك في كل وقت فممن آخذ معالم ديني؟ قال: " من زكريا بن آدم القمي المأمون على الدين والدنيا ". قال علي بن المسيب: فلما انصرفت قدمنا على زكريا بن آدم فسألته عما احتجت إليه (1).
فارجاعه (عليه السلام) إلى الثقة الجليل زكريا بن آدم القمي وتوصيفه بكونه مأمونا على الدين والدنيا فيه دلالة واضحة على جواز الرجوع في أخذ معالم الدين إلى كل من كان ثقة مأمونا على الدين، وقد عرفت أن أخذ المعالم يعم أخذ الروايات المتضمنة لها وأخذ نفس المعالم المستنبطة من أدلتها.
وفي خبر أحمد بن حاتم بن ماهويه، قال: كتبت إليه - يعني أبا الحسن الثالث (عليه السلام) - أسأله عمن آخذ معالم ديني؟ وكتب أخوه أيضا بذلك، فكتب إليهما:
" فهمت ما ذكرتما فاصمدا في دينكما على كل مسن في حبنا، وكل كثير القدم في أمرنا، فإنهما كافوكما إن شاء الله تعالى " (2).
وفي خبر علي بن سويد السابي، قال: كتب إلي أبو الحسن (عليه السلام) وهو في السجن: " وأما ما ذكرت يا علي ممن تأخذ معالم دينك؟ لا تأخذن معالم دينك