وظواهر الآيات والأخبار حجة على كل أحد، ورفع عن جميع الأمة ما لا يعلمون، وكل من كان على يقين فشك فلا ينبغي له أن ينقض اليقين بالشك، وهو أمر واضح لا ينبغي لأحد إنكاره.
وإنما الذي أفاده سيدنا الأستاذ (قدس سره) هو أن العامي لا يكون موردا لأدلة الأصول لأن موضوعها الشك بعد الفحص واليأس عن الأدلة الاجتهادية، والعامي لا يكون كذلك فلا يجري في حقه الأصول، ولا يكون الأصول مستندا له في مقام العمل، بل مستنده رأي المجتهد وهو من قبيل الأمارات.
لكن الذي نقول عليه: أن العامي وإن لم يتمكن بنفسه من الفحص عن الأدلة وتحصيل مفادها إلا أنه لا يوجب خروجه عن الأدلة وعدم حجيتها له مع عدم أخذ عنوان في موضوعها لا يشمله وعليه إذا أمكن له العثور عليها وعلى مفادها ولو بالواسطة كان مضمونها منجزا، وهذه الواسطة هو المجتهد الثقة الخبير، فإنه إذا راجع مظان الأدلة: فإن عثر على دليل على التكليف الذي يعم العامي الذي يستفتيه فإخباره بأن هناك دليلا وأن مفاده كذا طريق معتبر للعامي وحجة على وجوده، وبه يتم ويتنجز دلالته على العامي، إلا أن المجتهد يجعل خبره هذا في قالب ما يعبر عنه بالرأي والفتوى، وحقيقة الأمر أن مفاد الأخبار والآيات حجة منجزة على العامي.
وهذا بالنسبة إلى الأمارات المعتبرة واضح.
وهكذا الأمر بالنسبة إلى أصالة البراءة الشرعية فإن موضوع قوله (صلى الله عليه وآله): " رفع عن أمتي... ما لا يعلمون " هو كون التكليف غير معلوم، فالتكليف الذي لم يعلم قد رفع عن الأمة، ومن الواضح أن العامي أيضا فرد من الأمة لا يعلم بالتكليف المفروض كجزئية السورة مثلا، فإطلاق الحديث شامل له. غاية الأمر أن جريانه مشروط بالفحص الكافي عن الدليل على التكليف وعدم الظفر به، والعامي وإن كان عاجزا عنه وليس أهلا له، إلا أنه إذا أخبره الثقة الخبير أعني المجتهد الذي قلده بنتيجة فحصه، وأنه ليس يوجد دليل على التكليف، فلا محالة يكون العامي