الظهر ثم تبدل رأيه إلى أن الواجب خصوص صلاة أربع ركعات في عصر الغيبة ظهر الجمعة.
فهاهنا قد فصل الكفاية بين ما كان مبنى الإجتهاد السابق طريقا مثل القطع والأمارات المعتبرة وما كان أصلا عمليا، فاختار عدم الإكتفاء بما مضى في الطرق، واختار الاكتفاء به في الأصول.
وحاصل وجهه: أن الأحكام الشرعية أحكام كلية عامة لجميع الأحيان، فإذا قامت عنده حجة على جزئية شئ أو شرطيته أو وجوب أمر تعيينا - كما مثلنا -، فقد قامت عنده حجة على هذه الأحكام وأنها أحكام الشرع في كلا الزمانين، زمان الإجتهاد الأول والثاني، بل واما قبلهما وما بعدهما، وحيث إن المفروض أنه لم يأت بما قامت الحجة على وجوبه كان اللازم إعادته أو قضائه.
وحيث إن التحقيق في باب الأمارات أنها حجة من باب الطريقية المحضة، فليس فيها إلا مجرد تنجز الواقع إذا أصابت، والعذر عن مخالفته إذا أخطأت، وأما أنه يتدارك المصلحة الفائتة فلا، وهذا بخلاف الأصول، فإن المفروض فيها أن الشارع قد جعل للمكلف الجاهل وظيفة شرعية، وهو قد عمل بما هو وظيفته على تلك الحال.
أقول: والتحقيق: أن عموم حديث الرفع جار في مورد الاجتهاد السابق المعني على طريق إذا قامت أمارة معتبرة في زمان الاجتهاد الثاني على خلاف ذاك الطريق الأول، وذلك أن موضوع هذا الحديث هو ما لا يعلمون، والعلم ليس مرادفا للقطع الذي ربما يكون مخالفا للواقع، حتى يكون فرض القطع بالتكليف فرض صدق العلم مطلقا، بل العلم ينطبق على خصوص القطع أو الطريق المعتبر الذي كان مطابقا للواقع، ولو انكشف خطأ القطع أو الأمارة انكشف أن المكلف كان جاهلا غير عالم بالواقع، وإن كان بتخيل نفسه - حين القطع أو قيام الامارة - عالما به، وعليه فإذا قامت أمارة معتبرة على التكليف على خلاف الطريق الذي استند إليه علم أن هذا التكليف الذي انكشف له بهذه الأمارة كان مما لا يعلمون