الخمر وأكل الميتة والخنزير كما تترتب لمن عرف حرمتها تترتب على الجاهل بها المعتقد خطأ لحليتها أيضا، فالحرمة المستندة إليها لا محالة تتبعها في العموم لمعتقدي حلها أيضا.
ومضافا إلى أن الأخبار الواردة في أن جميع الأحكام قد شرعت في زمن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)، وأن الأئمة (عليهم السلام) لا يقولون بآرائهم، بل كل شئ في كتاب أو سنة (1)، وأن عندهم (عليهم السلام) كتابا بإملاء النبي وخط علي عليهما صلوات الله فيه جميع الأحكام حتى أرش الخدش (2) وأن النبي (صلى الله عليه وآله) جاء بما يحتاج إليه الناس إلى يوم القيامة من دون أن يضيع منه شئ (3) إلى غير ذلك من طوائف الأخبار الكثيرة التي قد مرت الإشارة إلى بعضها في مبحث التعادل والترجيح (4)، تدل بوضوح على أن أحكام الله تعالى لا تتبع الآراء المختلفة، بل هي قد شرعت على ما اقتضته المصالح، وأودعت في صحف مطهرة عند الأئمة المعصومين وبلغها النبي الأعظم والأئمة المعصومون عليهم صلوات المصلين.
ولذلك فما قاله الأصحاب من تواتر الأخبار ببطلان القول بالتصويب ليس دعوى بعيدة، نعم إنه ليس من قبيل تواتر لفظ أو مضمون واحد، بل هو تواتر أخبار كثيرة على ما هو من قبيل المدلول الالتزامي الواحد.
ومنه تعرف أن إجماع الأصحاب هنا مستند إلى هذه الأخبار، وعده دليلا مستقلا ليس على ما ينبغي. فالقول بالتصويب - سواء كان بمعنى أن لكل مجتهد حكما واقعيا يكشف عنه إجتهاده، أو بمعنى أن حكمه الواقعي ينشأ بعد اجتهاده ومتأخرا عنه - مخالف لهذه الأدلة المتعددة المعتبرة. مضافا إلى أن تأخر إنشائه عن الاجتهاد يؤدي إلى عدم إمكان استظهاره من الآيات والأخبار، التي لا ريب