أقول: إن تفسير العلم واليقين بمطلق الطريق المعتبر قطعا كان أو ظنا وإن كان هو الصحيح، كما مر بيانه، إلا أن قيام الطريق المعتبر على طهارة الثوب محل كلام بل منع، وذلك أن قيام الطريق المعتبر على ارتفاع نجاسة الثوب يحتاج إلى ثبوت أمور كثيرة كلها بطريق معتبر، فيحتاج إلى ثبوت أن ذاك المايع ماء، وإلى ثبوت أنه طاهر، وإلى ثبوت أنه مطهر، وإلى ثبوت أن هذا الثوب النجس قد غسل به بوجه شرعي يوجب ارتفاع النجاسة، فكما أن انتفاء كل منها يوجب عدم حصول الطهارة، فهكذا عدم قيام الطريق بالنسبة إلى كل واحد منها يوجب أن لا يقوم طريق معتبر على حصولها، وحيث إن المفروض أنه لا طريق لنا إلى طهارة الماء، فلا محالة لا يقوم الطريق المعتبر على ارتفاع نجاسة الثوب، فإن النتيجة تابعة لأخس المقدمات.
ومنها: ما في رسالة الاستصحاب لسيدنا الأستاذ (قدس سره) مما يقرب من بيان شيخه الأستاذ (قدس سره) حرفا بحرف إلا في تفسير اليقين والعلم بمطلق الحجة، فراجع.
وقد عرفت منع إطلاق العلم بالشئ على مطلق الحجة عليه وإن كانت احتمالا منجزا، فتذكر.
ومنها: ما هو المختار من أن الاستصحاب وإن لم يكن من الطرق المعتبرة فوقوعه في مقدمات إثبات طهارة الثوب يمنع حصول العلم - ولو بمعناه الأعم - بالنسبة إلى طهارته، إلا أن لسان دليل اعتباره - كما عرفت - هو التعبد ببقاء اليقين السابق، وإن كان اليقين طريقا إلى متعلقه، وعليه فإذا وقع هذا اليقين التعبدي في سلسلة مقدمات إحراز طهارة الثوب، كان اللازم منه بعد انضمامه إلى طرق معتبرة أن يكون إحراز الطهارة في حد يقين تعبدي، وكانت النتيجة حكومة الاستصحاب في الشك السببي على الاستصحاب في الشك المسببي.
إن قلت: إن غاية مفاد استصحاب طهارة الماء إنما هو التعبد ببقاء اليقين بطهارته، فاستفادة حصول اليقين بحصول الطهارة للثوب وبارتفاع نجاسته بعد انطباق الدليل الاجتهادي تكون من قبيل الأصل المثبت.