وإنما الكلام في صغراها، وأن ما نحن فيه من هذا القبيل، وما قيل أو يمكن أن يقال في بيانه وجوه:
منها: ما اختاره المحقق الخراساني (قدس سره) في التعليقة والكفاية، ويظهر أيضا من بعض عبارات الشيخ الأعظم (قدس سره) وهو أن معنى عدم نقض اليقين بالشك في موضوع الاحكام هو التعبد بترتيب آثاره الشرعية، ففيما نحن فيه معنى استصحاب طهارة الماء هو التعبد بطهارة ما يغسل به، وأتمه المحقق الخراساني (قدس سره) بأن موضوع الاستصحاب هو الشك في بقاء المتيقن السابق من جميع الجهات، وهاهنا إذا حكم الشارع - ولو بمقتضى جريان الاستصحاب في طهارة الماء - بطهارة الثوب طهارة ظاهرية فقد حصل اليقين بطهارته، وكان نقض اليقين بنجاسته حينئذ نقضا لليقين بيقين آخر، وخرج عن عموم لا تنقض حقيقة.
وفيه أولا: أن إرجاع النهي عن النقض بالتعبد بآثار المستصحب غير صحيح، وذلك أن النقض هو الهدم ورفع اليد، وقد تعلق باليقين، فصار المكلف موظفا بابقاء نفس اليقين، وحيث إنه قد إنتقض اليقين حقيقة وليس إبقاؤه بيده، ولا يستفاد من الحديث نهي تكليفي تحريمي، فلا محالة يرجع مفاده إلى أن اليقين السابق باق تعبدا وفي محيط القانون الشرعي، وبما أن اليقين المأخوذ موضوعا هنا طريقي محض يؤول التعبد ببقائه إلى التعبد بأن المتيقن السابق باق، فإن كان حكما شرعيا يتعبد ببقاء الحكم الشرعي، وإن كان موضوعا له يتعبد ببقاء الموضوع، وهنا تنتهي رسالة الاستصحاب ووظيفته، وبعد ذلك ينطبق الكبرى والدليل الدال على محكومية أفراد الموضوع بحكمه عليه، ويصير بانطباق الدليل محكوما بحكمه، فالقول بأن نفس معنى عدم نقض اليقين بالشك في الموضوعات هو ترتب آثارها خلاف التحقيق.
ولو سلمناه فيرد عليه ثانيا: أن ظاهر دليل الاستصحاب هو وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة من جميع الجهات، فإذا كان اليقين متعلقا بأن الثوب طاهر بالطهارة الواقعية، فما دام يكون شاكا في طهارته الواقعية كان موضوعا ومورد