وإن لم يكن الحرمة ولا الوجوب فعليا، وهو أمر ظاهر لا سترة عليه، ولا يحتاج إلى البيان.
وحينئذ فإذا شك في النسخ فقد شك في بقاء ذاك القانون الموجود سابقا، وكان لا محالة مجرى للاستصحاب، وأما إذا شك في بقاء نجاسة الماء المتغير في أحد أوصافه الثلاثة إذا زال تغيره من قبل نفسه فلا شك لنا في بقاء القانون الكلي، بل نكون على قطع بأنه باق كما جعله الشارع الأقدس، وإنما نشك في حدود النجاسة المجعولة، وأنها تكون بحيث تبقى بعد زوال تغيره من قبل نفسه، أو بحيث تزول به، فما لم يتحقق في الخارج ماء تغير في أحد أوصافه الثلاثة لا يكون هنا نجاسة فعلية وإن فرض وجود ذلك الماء ألف مرة، فإن فرض وجود الماء المتغير لا يلزمه إلا فرض للنجاسة، وكما أن الفرض لا يستلزم وجود الماء، بل هو يجتمع مع عدمه فهكذا فرض النجاسة لا يلزمه واقع حكم النجاسة، بل يجتمع مع عدمها، فإذا فرض بعده زوال التغير من قبل نفسه فلازمه أن يفرض الشك في بقاء النجاسة الفرضية، وإلا فليس هنا أثر من النجاسة ولا من زوال تغيره ولا من تغيره، ولا من الشك في بقائها أصلا، فما دام الكلي كليا لا مصداق له في الخارج لا أثر من تحقق الحكم المشكوك في بقائه، ولا من تحقق الشك في البقاء الموضوع للاستصحاب.
نعم، إذا تحقق ماء وصار متغيرا في أحد الأوصاف، ثم زال تغيره من عند نفسه فقد تحققت حكم النجاسة، وشك في بقائها، فيكون مجرى الاستصحاب، فلا محالة يكون المستصحب حكما جزئيا، إلا أنه لا يختص ذلك الشك بموضوع خاص ولا مورد مخصوص، بل يكون جميع الأحكام الجزئية الخارجية حينئذ مشكوكا فيها يجري فيها الاستصحاب.
فاستصحاب الحكم الكلي والوجود القانوني إنما يختص بالشك في نسخه، وأما الشك في غيره فلا يتحقق إلا بعد فعلية الحكم المتوقفة على وجود موضوعه خارجا، ولا محالة يكون المستصحب حكما جزئيا، سواء في ذلك كان الشك في