في زوال هذا العنوان عنه فيحكم الاستصحاب ببقائه على ما كان وأن هذا الزمان نهار فينطبق عليه حكم يجب الصيام في النهار، كما انطبق حكم المزيلية للحدث والخبث على الماء المستصحب الطهارة.
وأما ما أجاب به بعض أعاظم العصر - دام ظله - من إنكار أن يكون الصيام الواجب - مثلا - مقيدا بوقوعه في النهار " بل الواجب إنما هو اجتماع الإمساك والنهار في الوجود، إذ النهار موجود مستقل من الموجودات الخارجية، والإمساك عرض قائم بالمكلف، فلا معنى لاتصاف أحدهما بالآخر، فإذا شك في بقاء النهار يكفي جريان الاستصحاب فيه بنحو مفاد كان التامة، ولا يكون من الأصل المثبت في شئ " (1).
ففيه: أنه خلاف ظاهر أدلة التوقيت، بل ظاهرها تقييد الصيام الواجب بأن يكون واقعا في النهار، أعني ما بين تبين الفجر والليل، وكون النهار موجودا مستقلا لا ينافي أن يكون ظرفا للأعمال، فإن الزمان والمكان من الموجودات الخارجية، ومقولة " متى " و " الأين " من المقولات العرضية التي تتصف بها الموجودات الاخر. ثم إن في المقدمة المذكورة في كلامه مواقع للنظر تظهر لمن راجعه وتدبر.
ثم إنك قد عرفت أن الحافظ للوحدة في التدريجيات هو اتصال الأجزاء وكون نحو وجودها وجودا سيالا، إلا أنه ينبغي التنبه فيها لنكتة، هي: أن هذا الاتصال قد يكون حقيقيا كما في الزمان وحركة الأرض والقمر، وقد يكون عرفيا كما في مشي الإنسان وحركة العقربة العادة للثانية فإنها حركة واحدة متصلة عند العرف، مع أنها يتخللها السكونات، لكنه لا يضر بصدق البقاء والاستمرار عند العرف الذي هو المرجع والمخاطب في هذا الباب فيجري الاستصحاب في أمثالهما، والظاهر أنه مراد صاحب الكفاية، فلا يرد عليه أن المتحرك إذا سكن لا يصدق عليه المتحرك عند العرف أيضا - كما عن بعض أعاظم العصر (2) - فإنه إنما يكون