فالمتنجس موضوع حكمه تنجس ملاقيه، فلو أحرز هذا الموضوع ولو بالاستصحاب لترتب عليه حكمه، إلا أن إحرازه هنا غير ممكن، وذلك أن العباء وان أطلق عليه أنه متنجس إلا أنه إطلاق مجازي عرفي ليس بذاك الإطلاق موضوعا لذلك الحكم، بداهة أن ملاقاة القسمة الطاهرة منه مع أنها ملاقاة للعباء إلا أنها لا توجب نجاسة الملاقي، بل الموضوع له هو خصوص المحل المتنجس المفروض في الشبهة أنه إما الطرف الأعلى، وإما الطرف الأسفل، فإذا طهرنا الطرف الأسفل فالطرف الأسفل طاهر قطعا، والطرف الأعلى لم يتيقن نجاسته حتى يقال باستصحابها، فأحد ركني الاستصحاب فيه - أعني اليقين السابق - مختل، بل التحقيق: أنه لو كان نجسا واقعا لما كان شبهة في بقائه على النجاسة، إذ المفروض عدم تطهيره، فركن الشك في البقاء فيه مختل، فلا يجري استصحابه حتى على ما اخترناه تبعا للمحقق الخراساني (قدس سره) من عدم الحاجة إلى احراز الحالة السابقة بطريق معتبر أيضا، فإنه ليس هنا شك في بقاء نجاسة الطرف الأعلى، وإنما الشك في حدوثها، وهو بعينه سد عدم جريان استصحاب الفرد المردد.
وأما استصحاب بقاء النجاسة في العباء فلا نتعقل منه معنى معقولا، إذ ليست النجاسة موضوعا للحكم يكون العباء ظرفا لها، بل وقوع النجاسة ووجودها في العباء عبارة أخرى عن تنجس العباء الذي قد عرفت حال استصحابه.
نعم، استصحاب كلي المتنجس - في العباء - لم يكن به بأس لو كان له بما أنه كلي أثر، إلا أنه حيث لا يثبت تنجس الطرف الأعلى، ولا يثبت أيضا أن ملاقاة الطرف الأعلى أو الطرفين ملاقاة له، فلا يتصور له أثر، فلا مجال لاستصحابه.
فإحراز المتنجس الذي يكون موضوعا لحكم تنجس الملاقي غير ممكن، لكنه مع ذلك فلا تجزي الصلاة في العباء، إذ طرفه الأعلى طرف للعلم الإجمالي بالنجاسة، فهو مثل ما إذا علم بطهارة أحد الثوبين إجمالا ثم طهر أحدهما فإنه لا شبهة في عدم إجزاء الصلاة في الثوب الآخر بمقتضى علمه الإجمالي، كما لا يخفى.