ثم إنك تعرف مما ذكرنا أنه كما لا يجوز إحراز موضوع حكم تنجس الملاقي بالاستصحاب فهكذا لا يمكن إحراز حكم عدم جواز الصلاة، فإنهما حكمان موضوع كليهما المتنجس فإنه لا تصح الصلاة في المتنجس، كما أن ملاقي المتنجس نجس، فالفرق بينهما - كما في عبارة بعض المحققين (قدس سره) غير مبتن على الدقة اللازمة.
وأما الجواب عن الشبهة بما في تقريرات بحث بعض الأعاظم (قدس سره) من أن استصحاب القسم الثاني من الكلي يختص بما كان الترديد في هوية المتيقن لا في محله وموضوعه، فلو علم بوجود حيوان في الدار وتردد أن يكون في هذا البيت منها أو ذاك، فانهدم أحد البيتين فشك في بقاء حياة الحيوان لما كان استصحاب حياته جاريا، وكان كاستصحاب الفرد المردد، ومنه النجاسة المعلومة بالإجمال في مفروض الشبهة العبائية، فهو غير متين جدا.
أما أولا: فلأنه لا وجه لعدم جريان استصحاب الفرد في ما إذا كان الترديد في محله، كما في المثال المذكور، فإن وجود ذاك الفرد المشخص معلوم، والتردد في محل استقراره أوجب الشك في بقائه، فيجري فيه الاستصحاب، وهكذا في الكلي الموجود به، ويكون من القسم الأول من أقسام استصحاب الكلي.
وأما ثانيا فإن مورد الشبهة العبائية - كما عرفت - ليس من قبيل الترديد في محل المتيقن، فإن موضوع الحكم هو المتنجس، وهو مردد بين مصداقين قد ارتفع أحدهما، ولا يمكن إجراء الاستصحاب في الآخر، لأنه من باب استصحاب الفرد المردد.
ومن التأمل في ما ذكرناه تعرف ضعف ما في تقريرات بعض أعاظم العصر دام ظله، حيث صحح الشبهة والتزم بنجاسة ملاقي الطرف الأعلى، قائلا: إن استصحاب بقاء النجاسة في العباء أصل حاكم على أصالة طهارة الملاقي، - بالكسر -، وقد عرفت أنه لا معنى لاستصحاب بقاء النجاسة في العباء، ولا بقاء نجاسة العباء، إلا استصحاب بقاء المتنجس، ولا شك في بقاء نجاسة المتنجس ان