لاستصحاب الكلي مدفوع: بأن هذا التردد لا يمنع استصحاب الكلي إذا كان مشكوك البقاء - كما هو المفروض - وكان المورد مصداقا لموضوع " لا تنقض اليقين بالشك ".
كما أن بيان هذا الإيراد بأنه لما كان لا ريب في أن الكلي الطبيعي مع الأفراد كالآباء مع الأبناء، وأن لكل فرد وجودا من الطبيعي يخصه ويتحد معه فلا محالة يكون الكلي المتحد مع زيد غير المتحد مع عمرو، فبعد مضي زمان اليقين وحضور زمان الشك إذا فتشنا أنفسنا نجد أن ذاك الوجود المتحد مع زيد - لو كان - فهو مقطوع الارتفاع، وذلك الوجود المتحد مع عمرو - لو كان - فهو أيضا مقطوع البقاء، فليس لنا شك في بقاء الحادث أصلا، وإنما الشك في حدوث ما هو باق قطعا. كما أن لنا شكا في حدوث ما هو مرتفع جزما. فليس مجرى للاستصحاب، لاشتراطه بالشك في البقاء، وهو مفقود هنا. وبالجملة: ففيه شبهة استصحاب الفرد المردد.
مندفع بأن الكلي الطبيعي وإن كان متحدا مع كل من الأفراد - ونسبته إليها نسبة الآباء والأولاد - إلا أن معنى كليته إنما هو عدم لحاظ شئ من الخصوصيات حتى الهذية الوجودية فيه، فكما لا يتقوم معناه بالمشخصات والامتيازات الفردية فهكذا لا يتقوم بهذية هذا الوجود المتشخص الذي تحقق به، بحيث لو أمكن تحققه عاريا عن كافة الخصوصيات لكان ذلك المجرد عنها هو الكلي، إلا أنه لا محالة لا يخلو عنها ومتحد بها، ولذلك أيضا يكون موجودا في الخارج ويتكثر بتكثرها ويمتاز وجوده في هذا الفرد عن وجوده في غيره، إلا أنه مع ذلك فلا بأس بلحاظه عاريا عن جميع الخصوصيات، وتعلق الطلب مثلا به - كما قررناه وأوضحناه في مسألة تعلق الطلب بالطبيعة - وكان لازمه خروج جميع الخصوصيات عن دائرة المطلوبية، بل كان المطلوب نفس الطبيعي لا غير.
فهكذا في ما نحن فيه، حيث إن موضوع التكليف مثلا إنما هو أن يوجد الإنسان في الدار، وكان قوام الاستصحاب باليقين به والشك في بقائه، واليقين