بالحل بلا حاجة إلى أي فحص ولا سؤال، إلا أنه يحتمل فيه أن يكون لأجل الاعتماد على سوق المسلمين، إلا أن بيان الكلية المذكورة في الذيل قد رفعت هذا الإبهام وبينت أن تمام الملاك للحكم بالحلية هو أن كل شئ حلال حتى تعرف الحرام منه فتدعه، ففي الحديث قرينة واضحة على قوة إطلاق هذا العموم.
وفي صحيحة زرارة الواردة في الاستصحاب المروية مضمرا عن التهذيب، ومسندا عن الباقر (عليه السلام) في العلل - بعد ذكر فقرات -: قلت: فإن ظننت أنه قد أصابه ولم أتيقن ذلك، فنظرت فلم أر شيئا، ثم طلبت فرأيته فيه بعد الصلاة؟ قال:
تغسله ولا تعيد الصلاة، قال: قلت: ولم ذاك؟ قال: لأنك كنت على يقين من نظافته ثم شككت، فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبدا... إلى أن قال: فهل علي إن شككت في أنه أصابه شئ أن أنظر فيه فأقلبه؟ قال: لا ولكنك إنما تريد بذلك أن تذهب بالشك الذي وقع في نفسك (1).
فان الصحيحة صريحة في جريان الاستصحاب في الشبهة الموضوعية بلا حاجة إلى الفحص، ومورد السؤال وإن كان الشك في الطهارة إلا أن ملاك الحكم هو أنه لا ينقض اليقين بالشك، وهو عنوان عام في الشبهات مطلقا، وجوبية أو تحريمية، طهارة أو غيرها فتدل على عدم اعتبار الفحص في جريانه.
ثم إنه قد فصل بعض الأعاظم (قدس سره) وخص جريان الأصل بما احتاج حصول العلم بالموضوع إلى تحصيل مقدمات غير موجودة، أما إذا لم يحتج إلى أي مقدمة وإنما احتاج إلى مثل النظر في الأفق، كمن شك في بقاء الليل وهو على سقف مرتفع والهواء صاف غير مغيم بحيث إذا نظر إلى مطلع الفجر يتبين له الأمر فمثله لا يجري في حقه استصحاب بقاء الليل.
أقول: إن كان ذلك لأجل عدم صدق الشك الذي هو موضوع جريانه، فهو ممنوع بديهة، وإن كان لأجل انصراف، فهو أيضا ممنوع، وهل النظر إلى طرفي