ومنها: قوله تعالى: * (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم... إلى آخره) * فالآية المباركة وإن نفت وجوب النفر عن مجموع المؤمنين، إلا أنها لم تجوز لهم أيضا النوم والقعود عن التفقه وتعلم أحكام الدين، ولا الاعتذار بعدم العلم بها، بل أوجبت لهم السفر والنفر لتعلمها، فلا يجري حديث الرفع، ولا يكون عذرا قبل النفر أو الفحص عن أحكام الله تعالى.
ومنها: موثقة مسعدة بن زياد - المروية عن أمالي الشيخ الطوسي (قدس سره) قال:
سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام)، وقد سئل عن قوله تعالى: * (فلله الحجة البالغة) * فقال: إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: عبدي كنت عالما؟ فإن قال: نعم، قال له:
أفلا عملت بما علمت؟ وإن قال: كنت جاهلا قال: أفلا تعلمت حتى تعمل؟
فيخصمه، فتلك الحجة البالغة (1) ودلالتها واضحة على أن الجاهل بالحكم القادر على التعلم غير معذور في مخالفته، وهو عبارة أخرى عن عدم جريان حديث الرفع قبل الفحص مع إمكانه.
ومنها: صحيحة أبي جعفر الأحول مؤمن الطاق، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:
" لا يسع الناس حتى يسألوا ويتفقهوا ويعرفوا إمامهم، ويسعهم أن يأخذوا بما يقول وإن كان تقية " (2). فقد دلت بالصراحة على أن الناس ليسوا في سعة لجهلهم بأحكام الله، بل عليهم أن يسألوا عنها ويتفقهوا فيها، وتعقيب قوله: " ويتفقهوا " بقوله (عليه السلام): " ويعرفوا إمامهم " لا يوجب صرف ظهور قوله (عليه السلام): " ويتفقهوا " عن ظاهره الذي قدر متيقنه التفقه في أحكام الله إلى خصوص معرفة الإمام (عليه السلام)، بل لو أريدت منه فهي داخلة في عمومه. وبالجملة: فدلالة الصحيحة على المطلوب لا ريب فيها.
وقريب منها: ما أرسله يونس بن عبد الرحمن، عن بعض أصحابه قال: سئل