العقاب، بل الخطاب هنا قانون موضوع لا بأس بشموله للغافل أيضا. وتفصيل المقال موكول إلى مجال آخر.
فالحاصل: أن العامل بما يطابق البراءة قبل الفحص إنما يعاقب عقاب المعصية إن خالف التكليف الإلزامي الواقعي المجهول الذي يكون بحيث لو فحص عنه لظفر بدليل عليه، وفي غير هذه الصورة كان عمله تجريا للمولى، ويكون من صغريات تلك المسألة.
ثم إن صاحب المدارك في ذيل البحث عن قول المحقق (قدس سره) في أحكام النجاسات: " وإذا أخل المصلي بإزالة النجاسة عن بدنه أو ثوبه أعاد في الوقت وخارجه ". قال: صرح العلامة وغيره بأن جاهل الحكم عامد، لأن العلم ليس شرطا للتكليف، وهو مشكل لقبح تكليف الغافل، والحق أنهم إن أرادوا بكون الجاهل كالعامد... أنه كالعامد في استحقاق العقاب فمشكل، لأن تكليف الجاهل بما هو جاهل به تكليف بما لا يطاق نعم هو مكلف بالبحث والنظر إذا علم وجوبهما بالعقل أو الشرع، فيأثم بتركهما لا بترك ذلك المجهول، كما هو واضح (1).
انتهى.
أقول: أما مسألة تكليف الجاهل أو الغافل في ما نحن فيه فقد عرفت الكلام عنها. وأما مسألة ترتب العقاب على مجرد ترك الفحص فهي مبتنية على كون وجوب التعلم نفسيا، وهو غير واضح، بل ممنوع، وذلك أنه لا ريب أن العقلاء والعقل يحكمون على الجاهل المحتمل لصدور تكليف من ناحية الشرع بأنه لو كان هنا تكليف وكان قد بينه الشارع بحيث يصل المكلف إليه إذا فحص عنه فهذا التكليف يكون منجزا على المكلف يستحق العقاب على مخالفته، ولو لم يفحص عنه ولم يصل إليه، فحذرا عن ذاك العقاب المحتمل يلزمه إما بالاحتياط أو الفحص والعمل بما يودي إليه، فالفحص أحد الطريقين إلى الحذر عن ذاك