الإجمالي أو بغيره من الوجوه لا يوجب خروجا عن محل الكلام، " وكل إلى ذاك الجمال يشير ". وما هو خارج عن محل الكلام هو ما إذا كان في المسألة علم إجمالي خاص بها، مثل العلم بوجوب الظهر أو الجمعة، لا مثل ذاك العلم الإجمالي الوسيع الموجود في كل شبهة تعد بدوية أيضا، كما لا يخفى.
ثانيها: أن أطراف العلم الإجمالي لا تنحصر في محتملات الأحكام التي تظفر بالدليل المعتبر عليها إذا فحص عنها، بل كل أحد يعلم إجمالا: بأن لشرع الإسلام واجبات ومحرمات، وكل ما يحتمل وجوبه أو حرمته يكون من أطراف هذا العلم، والفحص إذا كان لا يزيل احتمال التكليف، فلا يوجب خروجه عن كونه طرفا للعلم المذكور، ومعه فلا تجري فيه البراءة.
وفيه: أن ذاك العلم الإجمالي الكبير الواسع الأطراف ينحل بهذا العلم الإجمالي الصغير، فإن الأحكام الموجودة في الكتاب والسنة التي يظفر عليها، بل المعلوم إجمالا بينها أكثر مما يعلم وجوده بذاك العلم الإجمالي الكبير ويحتمل انطباقها عليه، فلا علم إجمالي بوجود حكم آخر خارج عن الكتاب والأخبار الواصلة، فإذا فحص بينها ولم يعثر عليه خرج عن كونه طرفا لهذا العلم الإجمالي ويجري فيه أصالة البراءة شرعا وعقلا.
ثالثها: أن هذا العلم الإجمالي إنما يمنع عن الرجوع إلى البراءة بادئ الأمر وأواسطه، وأما إذا استنبط المجتهد معظم مسائل أبواب الفقه بحيث لا يعلم بعده بوجود تكليف إلزامي آخر في ما بقى من الموضوعات، فبنفس ذاك الانحلال المذكور آنفا حيث يحتمل انطباق المعلوم بهذا العلم الإجمالي على ما استنبطه من الواجبات والمحرمات تفصيلا ينحل علمه الاجمالي، فلا علم إجمالي له بعده حتى يمنع عن الرجوع إلى أصالة البراءة.
والجواب عنه بما في تقريرات بعض الأعاظم (قدس سره) من أن المعلوم إذا كان له عنوان فهو موجب للاحتياط حتى في موارد شبهته البدوية، مخدوش، بمنع أصل المدعى أولا ولا سيما إذا كان العنوان جعليا من عندنا لا موضوعا في لسان