أبو الحسن (عليه السلام): هل يسع الناس ترك المسألة عما يحتاجون إليه؟ فقال: لا (1). فإن العمل بالتكاليف الشرعية مما لا ريب في كونه داخلا في عموم ما يحتاجون إليه، فوجب السؤال عنها، وليسوا في سعة ليتركوا المسألة عنها.
ومنها: الأخبار الكثيرة الواردة بألسنة مختلفة، الموجبة لتحصيل العلم والتفقه في الدين، فقد استفاض عنهم (عليهم السلام) أن " طلب العلم فريضة " (2): ولا ريب أن إرادة علم الدين والشريعة متيقنة منه.
وفي مرسل أبي إسحاق السبيعي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): " ألا وإن طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال... إلى أن قال: والعلم مخزون عند أهله وقد أمرتم بطلبه من أهله فاطلبوه " (3).
وفي صحيح أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لوددت أن أصحابي ضربت رؤوسهم بالسياط حتى يتفقهوا " (4).
وفي رواية المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " عليكم بالتفقه في دين الله، ولا تكونوا أعرابا، فإنه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ولم يزك له عملا " (5)، إلى غير ذلك.
وتقريب دلالتها: أن إيجاب تعلم أحكام الدين والتفقه فيه يدل دلالة واضحة على أن المكلف مأخوذ بالوظائف المجعولة الواقعية، ولذلك وجب تعلمها مقدمة لصحة أعماله وتطبيقها عليها، لا أن التفقه واجب نفسي، أو أنه إنما وجب لكي تبقى الشريعة بانتقال العلم من كل عالم إلى من يتعلم منه، فإنه أيضا وإن كانت غاية صحيحة، إلا أنه لا ريب في أن ما ذكرناه من الوجوب المقدمي التهيؤي أمر مفهوم منها، لا يصح صرفها إلى خصوص غيره.
ومنها: ما دل على وجوب السؤال عن أمر الدين، ففي مرسلة يونس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أف لرجل لا يفرغ نفسه في كل