الحالة الموجودة. كما أنهما مشتركان في إمكان توجيهه نحوه مع فرض ارتفاع هذه الحالة.
فيستنتج من هذه الأمور: أن مفاد الأدلة ليس حكما فعليا لكي لا يبقى مفادها بحاله في موارد الخروج عن محل الابتلاء كما بقي بحاله في مورد الجهل أيضا، فالأحكام التي تضمنتها الأدلة أريد منها مرتبة تبقى في حالتي الجهل والخروج عن محل الابتلاء، فلا يغني الرجوع إلى إطلاق الأدلة شيئا، ولا يمنع عن الرجوع إلى الأصول العملية كما كان كذلك على ما اخترناه.
وبعد ذلك فقد يقال (1): بأن الأصل المرجع هو أصل الاشتغال، لأن الخروج عن محل الابتلاء عجز عرفي، فالشك فيه شك في القدرة، ومع الشك فيها يجب الاحتياط حتى يتبين له أنه عاجز غير قادر، وبالجملة: يبني على فعلية التكليف إلى أن يتبين خلافها، ففي أطراف العلم الإجمالي إذا بنينا على فعليته لو كان متعلقا بما يشك في خروجه عن محل الابتلاء كان اللازم منه الحكم بتنجز المعلوم بالإجمال، كما لا يخفى.
وفيه: أن الشك في القدرة إنما يجب فيه الاحتياط في ما كان عجزه موجبا للترخيص في مخالفة التكليف، كما في إنقاذ المؤمن الغريق الذي يعجز عنه، فيحتاط في موارد الشك حتى يتبين له عجزه عن الامتثال، وأين هو من الخروج عن محل الابتلاء الذي يوجب كون مقصود التكليف - أعني ترك الحرام - حاصلا بنفسه؟ ففيه يكون في المورد القطعي منه امتثال التكليف حاصلا ولا محالة هذا المعنى مفروض في مورد الشك أيضا، فكيف يقاس بالعجز الذي يوجب ترك الامتثال عن عذر؟ وأين أحدهما من الآخر؟
فالحق أنه لا مجال لقاعدة الاشتغال، وأن إطلاق أدلة البراءة وأصالة الحل هنا أيضا محكمة، والله العالم.