مثل الحنطة والشعير وغير ذلك لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه... الحديث " (1).
بيان الدلالة: أن مورد شبهته وسر سؤاله ليس أن السلطان لا يحق له التصرف في الصدقات لكونه جائرا غاصبا للولاية، بل كان الجواز من هذه الناحية مفروغا عنه، وإنما وقع في شبهة الحرمة واحتمالها، لعلمه بأنهم يأخذون من الناس أزيد مما وجب عليهم، ويحتمل أن يكون منطبقا على ما يشتري هو منهم، فهو يعلم بوجود الحرام في ما بأيديهم إجمالا، إلا أنه ليس مورد ابتلائه إلا خصوص بعض أطراف هذا العلم، وهو ما يريد شراءه منهم، وحينئذ فتجويز شرائه، ولا سيما بقوله (عليه السلام): " لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه "، وهو عبارة معروفة معهودة في أخبار أصالة الحل دليل واضح على جريان أصالة الحلية في الطرف الذي يكون محل الابتلاء، كما هو واضح.
ونحو هذه الصحيحة صحيحة معاوية بن وهب (2)، وموثق إسحاق بن عمار (3)، وخبر عبد الرحمان بن أبي عبد الله (4)، بل وصحيحة أبي بصير (5) أيضا، فراجع.
وهذه الأخبار كما تدل على أصالة الحل في أطراف العلم إذا كان بعضها خارجا عن محل الابتلاء كذلك تدل على ميزان ما للخروج عن محله، وأنه يصدق بمثل أن لا يكون بعض الأطراف مما يكون المكلف بحسب طبعه بصدد التصرف فيه وكان واقعا تحت يد غيره، فإن بقية أطراف العلم مما لا يريد شراءه يكون في معرض شرائه، إلا أنه ليس بصدد التصرف فيه وشرائه، كما لا يخفى.
وأما صحيحة علي بن جعفر، عن أخيه (عليهما السلام) - المروية عن الكافي والتهذيبين - قال: سألته عن رجل رعف فامتخط فصار ذلك (6) الدم قطعا صغارا، فأصاب إناءه